السبت 20 جمادى الآخرة 1446 - 21 ديسمبر 2024
العربية

هل كان الأنبياء على علم بمحمد صلى الله عليه وسلم؟

170546

تاريخ النشر : 19-05-2011

المشاهدات : 48607

السؤال

أود معرفة ما إذا كان أي من الأنبياء على علم بالآخر؟ وأعنى بذلك هل كان آدم عليه السلام أو الأنبياء الآخرين عليهم الصلاة والسلام على علم بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل مجيئه فعليا؟

الجواب

الحمد لله.

أما آدم عليه السلام فقد كان على علم بالنبي صلى الله عليه وسلم ، كما سيأتي ما يدل عليه، والأقرب أنه كان على علم بجميع الأنبياء من ذريته ، كما يفهم من تفسير كثير من السلف لقوله تعالى : ( وعلم آدم الأسماء كلها ) قال شيخ المفسرين ابن جرير رحمه الله : “قلتُ: أولى الأقوال في تأويل الآية : أن تكون الأسماء التي علَّمها آدمَ أسماء أعيان بني آدم وأسماء الملائكة ” انتهى . ولا شك أن الأنبياء هم أولى من يعرف من أعيان بني آدم . والله تعالى أعلم .

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن آدم كان على علم بابنه داوود عليه السلام .

روى الإمام أحمد في مسنده (2708) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَوَّلُ مَنْ جَحَدَ آدَمُ ، قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، إِنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَهُ مَسَحَ ظَهْرَهُ ، فَأَخْرَجَ ذُرِّيَّتَهُ ، فَعَرَضَهُمْ عَلَيْهِ ، فَرَأَى فِيهِمْ رَجُلًا يَزْهَرُ ، قَالَ : أَيْ رَبِّ ، مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : ابْنُكَ دَاوُدُ . قَالَ : كَمْ عُمُرُهُ ؟ قَالَ : سِتُّونَ . قَالَ : أَيْ رَبِّ ، زِدْ فِي عُمُرِهِ . قَالَ : لَا ، إِلَّا أَنْ تَزِيدَهُ أَنْتَ مِنْ عُمُرِكَ ، فَزَادَهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ عُمُرِهِ ، فَكَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ كِتَابًا ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةَ ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقْبِضَ رُوحَهُ ، قَالَ : بَقِيَ مِنْ أَجَلِي أَرْبَعُونَ . فَقِيلَ لَهُ : إِنَّكَ جَعَلْتَهُ لِابْنِكَ دَاوُدَ . قَالَ : فَجَحَدَ ، قَالَ : فَأَخْرَجَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْكِتَابَ ، وَأَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ ، فَأَتَمَّهَا لِدَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام مِائَةَ سَنَةٍ ، وَأَتَمَّهَا لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَام عُمْرَهُ أَلْفَ سَنَةٍ) . وقال الشيخ أحمد شاكر في تحقيق المسند : إسناده صحيح . وقال محققو المسند : حسن لغيره ، دون قوله : (فأتمها لداود مائة سنة ، وأتمها لآدم عمره ألف سنة) .

وأما معرفة باقي الأنبياء بنبينا صلى الله عليه وسلم؛ فقد دل قوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) آل عمران/81 .
قال ابن كثير رحمه الله : ” قال علي بن أبي طالب وابن عمه عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما: ما بعث الله نبيا من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق، لئن بَعَث محمدًا وهو حَيّ ليؤمنن به ولينصرنه.

ثم قال : “فالرسول محمد خاتم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين، وهو الإمام الأعظم الذي لو وجد في أي عصر وجد لكان هو الواجب الطاعة ، المقدَّم على الأنبياء كلهم؛ ولهذا كان إمامهم ليلة الإسراء لما اجتمعوا ببيت المقدس، وكذلك هو الشفيع في يوم الحشر في إتيان الرب لِفَصْل القضاء، وهو المقام المحمود الذي لا يليق إلا له، والذي يحيد عنه أولو العزم من الأنبياء والمرسلين، حتى تنتهي النوبة إليه، فيكونَ هو المخصوص به” انتهى .
وأما معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم بجميع الأنبياء فقد قال الله تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) .
قال ابن كثير رحمه الله : “أي: منهم من أوحينا إليك خبرهم وقصصهم مع قومهم كيف كذبوهم ثم كانت للرسل العاقبة والنصرة، (وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) وهم أكثر ممن ذكر بأضعاف أضعاف” انتهى .

لكن قد يقال : إن الله جمعهم له ليلة الإسراء فصلى بهم كما جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (وَقَدْ رَأَيْتنِي فِي جَمَاعَة مِنْ الْأَنْبِيَاء صَلَوَات اللَّه عَلَيْهِمْ ، فَإِذَا مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِم يُصَلِّي ، وَإِذَا عِيسَى بْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام قَائِم يُصَلِّي ، وَإِذَا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام قَائِم يُصَلِّي ، فَحَانَتْ الصَّلَاة فَأَمَمْتهمْ) .

وجاء عند أحمد ( 2324 ) عن ابن عباس رضي الله عنهما : (فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى قام يصلي، ثم التفت فإذا النبيون أجمعون يصلون معه) وصحح إسناده ابن كثير في تفسيره ( 5 / 26 ) وأحمد شاكر في تعليقه على المسند . وقد نقل الحافظ في الفتح ( 7 / 209 ) وغيره قول القاضي عياض رحمه الله في الشفا : ” أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالأنبياء جميعا في بيت المقدس ” فربما يكون رآهم وعرفهم .. وإن لم يقص عليه من أخبار بعضهم شيء .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب