الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

حكم دفع الإنسان زكاة ماله إلى حماته ، وهل له أن يأكل من طعامها الذي تشتريه من مال الزكاة ؟

السؤال

هل يجوز إعطاء الزكاة لجدتي من أمي ، فهل يجوز لأبي أن يعطي زكاته لحماته ؟ تريد أمي أن تزور جدتي ( والدة أمي ) و هي فقيرة جداً تعيش على الزكوات فهل يجوز لوالدتي أن تقيم و تأكل معها لمدة أيام قليلة أم ينبغي عليها أن تشتري طعامها في هذه الفترة التي تقيم فيها ؟ وإذا ذهبت لزيارة جدتي و عرضت علي الطعام هل يجوز لي أن أكل من هذا الطعام الذي أعلم أنه أتى من مال الزكاة ؟

الجواب

الحمد لله.

أولاً :
لا حرج في دفع الإنسان زكاةَ ماله لحماته ، بل هي أولى من غيرها إن كانت فقيرةً ومحتاجة ، لما بينهما من نسب ومصاهرة .
وأما الحفيد فليس له أن يدفع زكاة ماله لجدته ، إلا في الحال التي لا يكون ملزماً بالنفقة عليها .
وللاستزادة ينظر جواب السؤال : (81122) ، (21810) ، (125720).
ثانياً :
لا حرج عليكم من الأكل من طعام جدتكم ، ولو كان هذا الطعام من مال الزكاة ؛ فمن القواعد المقررة عند العلماء : أن الشيء يتغير حُكْمُه بتغير سبب مُلكه .
ويدل على ذلك ما رواه البخاري (5279) ومسلم (1074) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْبُرْمَةُ تَفُورُ بِلَحْمٍ [ البرمة : القِدْر ] ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَأُدْمٌ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلَمْ أَرَ بُرْمَةً فِيهَا لَحْمٌ .
فَقَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلَكِنْ ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ ، وَأَنْتَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ ، وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ ) .
فأقام صلى الله عليه وسلم تبدل سبب الملك مقام تبدل العين .
فالصدقة إذا قبضها الفقير صارت ملكاً له ، وزال عنها وصف الصدقة ، وله أن يتصرف بها كما يشاء ، من بيع أو هبة أو غير ذلك .
قال النووي : " فيه دَلِيل عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَغَيَّرَتْ الصِّفَة تَغَيَّرَ حُكْمُهَا ، فَيَجُوز لِلْغَنِيِّ شِرَاؤُهَا مِنْ الْفَقِير ، وَأَكْلهَا إِذَا أَهْدَاهَا إِلَيْهِ ، وَلِلْهَاشِمِيِّ ، وَلِغَيْرِهِ مِمَّنْ لَا تَحِلّ لَهُ الزَّكَاة اِبْتِدَاءً ". انتهى ، "شرح صحيح مسلم" (5/274).
وقال الحافظ ابن حجر : " فيؤخذ منه أن التحريم إنما هو على الصفة ، لا على العين ". انتهى ، " فتح الباري" (5/204).
وقال ابن القيم : " وفى أكله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن اللحم الذي تُصدِّقَ به على برَيرة .. دليلٌ على جواز أكل الغني ، وبني هاشم ، وكل من تحرم عليه الصدقة مما يُهديه إليه الفقير من الصدقة ؛ لاختلاف جهة المأكول ". انتهى ، "زاد المعاد" (5/175).
وقال الشيخ ابن عثيمين : " دل ذلك على أن الإنسان إذا قبض الشيء بحق ، فإنه لا يَحرم على غيره ممن لو قبضه من المعطي الأول لم يحل.
ونظير ذلك الفقير يأخذ الزكاة ، ويجوز أن يصنع به طعاماً يدعو إليه الأغنياء ، فيأكلون منها ؛ لأن الغني لم ينتفع به على أنه زكاة ، بل على أنه من هذا الفقير الذي ملكه بحق ". انتهى من فتاوى " نور على الدرب"الشريط(237).
والحاصل :
أن الفقير إذا تُصدِّق عليه ، فأهدى من صدقته إلى من لا تحل له الصدقة ، من غني وغيره ، فإهداؤه جائز ، وللغني الأكل منها دون أي حرج .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب