الحمد لله.
أولا :
أرسل الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم كافة للناس بشيرا ونذيرا ، فمن آمن به وأطاعه أدخله الله الجنة ، ومن كذب به وعصاه أدخله الله النار ، لا فرق في ذلك بين اليهودي والنصراني وغيرهما .
قال الله تعالى : ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) آل عمران/ 19 .
وقال سبحانه : ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/ 85 .
وقال عز وجل : ( وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ) آل عمران/ 110 .
وقال تعالى : ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) المائدة/ 19 .
والآيات في هذا المعنى كثيرة ظاهرة .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ) رواه مسلم (153) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" إن اليهود والنصارى كفار كفراً معلوماً بالاضطرار من دين الإسلام " انتهى من
"مجموع الفتاوى" ( 35 / 201 ) .
ثانيا :
معنى قوله تعالى : ( لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ
يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ... ) الآيات ، أي :
ليس أهل الكتاب متساوين ، بل منهم من يؤمن بالله واليوم الآخر ويؤمن برسل الله كلهم
، ويؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم الذي بشرت به التوراة وبشر به الإنجيل ، ويأمر
بالمعروف وينهى عن المنكر ويسارع في الخيرات ، فهؤلاء من الصالحين وهم مع المؤمنين
، بخلاف من لم يصدق الرسول منهم فيما جاء به من ربه ، فليس هؤلاء كأولئك .
قال ابن كثير رحمه الله :
" والمشهور عند كثير من المفسرين - كما ذكره محمد بن إسحاق وغيره ، ورواه العوفي عن
ابن عباس- أن هذه الآيات نزلت فيمن آمن من أحبار أهل الكتاب ، كعبد الله بن سلام
وأسد بن عبيد وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وغيرهم ، أي : لا يستوي من تقدم ذكرهم
بالذم من أهل الكتاب وهؤلاء الذين أسلموا ، ولهذا قال تعالى : ( ليسوا سواء ) أي :
ليسوا كلهم على حد سواء ، بل منهم المؤمن ومنهم المجرم ، ولهذا قال تعالى : ( من
أهل الكتاب أمة قائمة ) أي : قائمة بأمر الله ، مطيعة لشرعه متبعة نبي الله ، فهي
قائمة يعني مستقيمة ( يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ) أي : يقومون الليل ،
ويكثرون التهجد ، ويتلون القرآن في صلواتهم ( يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون
بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين ) وهؤلاء هم
المذكورون في آخر السورة : ( وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ
بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ
لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ
عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) آل عمران/199 ، وهكذا قال
هاهنا : ( وما يفعلوا من خير فلن يكفروه ) أي : لا يضيع عند الله بل يجزيكم به أوفر
الجزاء ، ( والله عليم بالمتقين ) أي : لا يخفى عليه عمل عامل ، ولا يضيع لديه أجر
من أحسن عملا " انتهى من "تفسير ابن كثير" (2 /105) .
وينظر جواب السؤال رقم : (141875)
.
تعليق