الحمد لله.
لا حرج في وصف القرآن الكريم بأنه مقدس ؛ لأن التقديس هاهنا بمعنى التطهير ، والقُدْس فيِ كَلاَم العَرَب الطَّهَارَةُ .
قَالَ الأَزهري رحمه الله : " القُدُّوس – من أسماء الله - : الطَاهِرُ المُنَزَّه عَنِ العُيوب والنَّقائص " .
والتَقْدِيس : التَّطْهِير . وتَقَدَّس أَي تطهَّر .
راجع : "لسان العرب" (6/168- 169)
وقال ابن جرير رحمه الله :
" التقديس هو التطهير والتعظيم ، ومنه قولهم :" سُبُّوح قُدُّوس " ، يعني بقولهم :" سُبوح "، تنزيه لله ، وبقولهم: " قُدوسٌ "، طهارةٌ له وتعظيم . ولذلك قيل للأرض : " أرض مُقدسة " ، يعني بذلك المطهرة . فمعنى قول الملائكة إذًا : " ونحن نسبِّح بحمدك " ننزهك ونبرئك مما يضيفه إليك أهلُ الشرك بك ، ونصلي لك ." ونقدس لك " ، ننسبك إلى ما هو من صفاتك ، من الطهارة من الأدناس وما أضاف إليك أهل الكفر بك " انتهى .
"تفسير الطبري" (1/ 475)
ولكن الأولى أن نصف القرآن بما وصفه الله تعالى به ، كما قال عز وجل : ( تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِين ) الحجر/ 1 ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) الحجر/ 87
( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ ) ص/ 29 ، ( يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ) يس/ 1، 2 ، ( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ) الواقعة/ 77 ، ( بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ ) البروج/ 21
ولا يطلق في حق القرآن على سبيل اللقب والتسمية : " القرآن المقدس" ؛ لئلا نضاهي النصارى الذين يطلقون على كتابهم المحرف المبدل : " الكتاب المقدس " .
فإذا قيل : هل القرآن كتاب مقدس ؟
قلنا : نعم ، وهو أولى وأحق بالتقديس والتطهير والتنزيه من كل كتاب ، ولكننا لا نطلق عليه : ( الكتاب المقدس ) أو ( القرآن المقدس ) ؛ لئلا نشبه النصارى في ذلك ، وإن كان يوصف بذلك : أنه مقدس ، أي : مطهر ، وإنما يطلق عليه ما سماه الله ووصفه به ؛ فيقال : قرآن مبين ، قرآن حكيم ، قرآن كريم ، قرآن مجيد .
والله أعلم
تعليق