الاثنين 29 جمادى الآخرة 1446 - 30 ديسمبر 2024
العربية

حكم استئصال الثدي السليم لاحتمال إصابته بالسرطان بعد إصابة الثدي الآخر

180744

تاريخ النشر : 07-05-2012

المشاهدات : 14237

السؤال


لقد أصبت بسرطان الثدي و أقوم بتلقي العلاج حالياً . و قد أخبرني الأطباء أنهم وجدوا خطأ جينيا مما يجعل احتمال إصابتي بالسرطان البيضاوي في الثدي بنسبة 80% . مما جعلهم يقترحوا استئصال الثديين ، أحدهما لوجود السرطان به ، والآخر لقطع احتمال الإصابة به في المستقبل . أنا في الثانية و الثلاثين من عمري و ينصحني بعض الناس بأن أؤجل العملية حتى أصل سن الاربعين قبل أن يتم استئصال الثديين للتقليل من احتمال الإصابة بالسرطان البيضاوي في الثدي. لقد أصيبت والدتي بالسرطان في الثدي منذ أربع سنوات وهم يظنون بأننا جميعاً نحمل نفس الخطأ الجيني في عائلتنا . و أرغب في معرفة رأي الشرع في هذا .
فانا أشعر بأن استئصال الثدي السليم الآن يخالف العقيدة الصحيحة . فيجب علي أن أتوكل على الله وأؤمن أن كل ما يحدث لي في المستقبل هو بيد الله بدلاً من الإيمان والاعتماد على الأطباء . فهل من الخطأ إزالة عضو صحيح من الجسم لقلق الأطباء من أنه من الممكن في المستقبل أن يصاب . أرجو من فضلكم مساعدتي بالنصيحة بإخباري بحكم الشرع في هذا لأن الأطباء طلبوا مني التفكير في الأمر وينتظرون ردي عليهم الآن . و لدي ثلاثة أطفال وهل لو فعلت أي شيء لتحسين صحتي لكني لا أريد أن افعل شيء يخالف عقيدة الإسلام لأن أولويتي الأولى هي رضا الله . جزاكم الله خيراً

الجواب

الحمد لله.


أولا :
لا يجوز قطع العضو السليم من البدن لاحتمال إصابته بالمرض في المستقبل ؛ لما في ذلك من التعدي على ما خلق الله تعالى من غير ضرورة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تقرير وجوب ختان الذكر : " أنه قطع شيء من البدن ، وقطع شيء من البدن حرام ، والحرام لا يستباح إلا بالواجب. " انتهى من "الشرح الممتع" (1/ 166).
وينبغي أن تتوكلي على الله ، وتأخذي بأسباب الوقاية .
ثانيا :
أما الثدي المصاب بالسرطان : فإن لم يمكن علاج الإنسان منه والنجاة من خطره إلا بالاستئصال ، جاز استئصاله ؛ لوجود الحاجة الماسة أو الضرورة حتى لا ينتشر المرض إلى غيره .
قال الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله : " ولا تخلو هذه الأورام من حالتين:
الحالة الأولى: أن تكون منحصرة في موضع معين، ومن أمثلتها ما يلي:
(1) سرطان القولون .
(2) أورام الكبد البدئية الخبيثة
(3) أورام الثدي الخبيثة .
(4) سرطان الخصيتين .
(5) سرطان المستقيم .
وفي هذه الحالة يعتبر الاستئصال دواء ناجحًا لشفاء المريض، ونجاته من خطر هذه الأورام -بإذن الله تعالى- فيجوز فعله لمكان الحاجة الداعية إلى ذلك، والتي قد تبلغ إلى مقام الضروريات ، والله أعلم " انتهى من "أحكام الجراحة الطبية" ص 315
ثالثا :
يباح إجراء عملية لزراعة ثدي صناعي مكان الثدي المستأصل .
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن الجراحة التجميلية وأحكامها :
" إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الثامنة عشرة في بوتراجايا (ماليزيا) من 24 إلى 29 جمادى الآخرة 1428هـ، الموافق 9 م 13 تموز (يوليو) 2007 م.
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع الجراحة التجميلية وأحكامها، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله،
قرر ما يأتي:
يجوز شرعا إجراء الجراحة التجميلية الضرورية والحاجية التي يقصد منها:
أ- إعادة شكل أعضاء الجسم إلى الحالة التي خلق الإنسان عليها، لقوله سبحانه: ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) العلق/4
ب- إعادة الوظيفة المعهودة لأعضاء الجسم.
ج- إصلاح العيوب الخلقية مثل: الشفة المشقوقة ( الأرنبية ) واعوجاج الأنف الشديد والوحمات، والزائد من الأصابع والأسنان والتصاق الأصابع إذا أدى وجودها إلى أذى مادي أو معنوي مؤثر.
د- إصلاح العيوب الطارئة ( المكتسبة ) من آثار الحروق والحوادث والأمراض وغيرها مثل: زراعة الجلد وترقيعه، وإعادة تشكيل الثدي كليا حالة استئصاله، أو جزئيا إذا كان حجمه من الكبر أو الصغر بحيث يؤدي إلى حالة مرضية، وزراعة الشعر حالة سقوطه خاصة للمرأة.
ه- إزالة دمامة تسبب للشخص أذى نفسيا أو عضويا " انتهى .
وينظر : سؤال رقم (138273) ورقم (146289) .
ونسأل الله أن يعافيك ويحفظك من كل سوء .
تنبيه مهم :
ورد في السؤال عبارة : " وقد أخبرني الأطباء أنهم وجودا خطأ جينيا - وهم يظنون بأننا جميعاً نحمل نفس الخطا الجيني في عائلتنا" ، فإن كان مقصودهم وجود خلل أو عيب في هذه الجينات ، فهذا قد يقع لبعض الناس ، وهو ابتلاء كغيره من أنواع الابتلاءات التي يقدّرها الله على عباده لحكمة.
وإن كان مقصودهم اتهام الخالق بالخطا أو العجز عن خلق الجين السليم فهذا كفر عظيم بالله تعالى ؛ بل هو القادر على كل شيء ، وأفعاله كلها مبنية على الحكمة ، وهي متقنة غاية الإتقان ، كما قال تعالى : ( صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) النمل /88.
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب