الحمد لله.
التأمين التجاري محرم بجميع أشكاله وصوره ؛ لاشتماله على الربا والميسر والغرر ، كما بينَّاه في جواب السؤال رقم ( 8889 ) ، وعلى المسلم أن يفر منه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ، فإن عجز وكان ملزَماً به فإن له حقّاً منه بقدر ما دفعه ، وما زاد وجب عليه التخلص منه في طرائق الخير المعلومة .
هذا يقال لصاحب المال ، وهذا الأصل في حكم المسألة .
لكن الشأن يختلف عند انتقال
المال إلى الورثة إذا كان المال محرَّماً لا لعينه وإنما من حيث الكسب ، ويدخل فيه
ما سأل عنه الأخ السائل وهو اكتساب المال نتيجة عقد التأمين ، فالربا والميسر
والغرر من المال المحرم لكسبه وليس لذاته ، وما حرم لكسبه فإن إثمه على كاسبه فقط ،
وليس على من تعامل مع كاسبه بالبيع والشراء أو الإهداء أو الضيافة : إثم .
ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل اليهود في المدينة بالبيع والشراء
، وكان يؤاكلهم ، وهم الذين وصفهم الله تعالى بأكل الربا وأخذهم أموال الناس
بالباطل .
وعليه : فإذا انتقل المال
المحرَّم بكسبه إلى الورثة صار حلالاً لهم ، وهو قول المالكية ، ورجحه الشيخ
العثيمين رحمه الله .
قال العلامة محمد عليش المالكي – رحمه الله - : " واختلف في المال المكتسب من حرام
، كربا ومعاملة فاسدة ، إذا مات مكتسبه عنه : فهل يحل للوارث ؟ وهو المعتمد ، أم لا
؟ وأما عين الحرام المعلوم مستحقه ، كالمسروق والمغصوب : فلا يحل له " .
انتهى من " منح الجليل شرح مختصر خليل " ( 2 / 416 ) .
وقد سئل الشيخ العثيمين - رحمه الله - :
إذا ورث إنسان مالاً من شخص ، وكان يعلم أن جزء من هذا المال مثلاً عشرة آلاف أو
عشرين ألفاً ، أنه ربا صريح محرم ، والباقي لا يعلم عنه أو مختلط , فماذا يفعل
بالربا الصريح المحرم ؟
فأجاب: " لا بأس به هو حل له ؛ لأنه ملكه بطريق مباح وهو إرث , إلا إذا علمت أن هذا
مال فلان , وأن الميت غصبه فحينئذٍ لا يحل لك , وأما إذا كان محرَّماً لكسبه كالربا
وما أشبه ذلك : فهذا لا بأس به " انتهى من " لقاءات الباب المفتوح " ( 213 / السؤال
رقم 12 ) .
وقد سبق تقرير ذلك في موقعنا في العديد من الإجابات ، انظر منها أجوبة الأسئلة ( 20709 ) و ( 39661 ) و ( 85419 ) و ( 87747 ) .
وبه تعلم أن هذا المال الذي
دفعته الشركة لكم : يقسم بين ورثة أخيك ، حسب أنصبتهم الشرعية من ميراثه ؛ ثم لك أن
تستأذن أصحاب الحق في اقتراض المال ، أو الانتفاع به .
وينظر جواب السؤال رقم (180520)
.
والله أعلم
تعليق