الثلاثاء 23 جمادى الآخرة 1446 - 24 ديسمبر 2024
العربية

هل يجوز له أن يعالج جدته من زكاة ماله لأن ولديها لا يستطيعان علاجها؟

189069

تاريخ النشر : 15-01-2013

المشاهدات : 14389

السؤال


يوم أمس أصيبت جدتي من جهة أمي بنوبة قلبية ، وهي بحاجة إلى مبلغ 2000 دولار للعلاج. فهل يمكنني أن أدفع الزكاة إليها لتغطية تكاليف علاجها؟ يُرجى التنبه إلى أن لها ولدين يعملان ولهما دخل ثابت ، لكنه دخل ضعيف ، وليس من السهل عليهما توفير هذا المبلغ ؛ لأنه مبلغ ضخم. وإذا ما أرادا توفيره فإن عليهما أن يستدينا ديناً ربوياً. لذا رأيت أن أعطيهما هذا المبلغ ، فما رأي الشرع في ذلك ؟ وإذا جاز إعطاؤهم فهل ينبغي إخبارهم أن ذلك من مال الزكاة ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
الأصل عدم جواز دفع الزكاة للأصول ولا للفروع ، بل الواجب الإنفاق عليهم ما يستغنوا به عن سؤال الناس.
قال الخطيب الشربيني رحمه الله: " قال ابن المنذر : وأجمعوا على أن نفقة الوالدين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد , والأجداد والجدات ملحقون بهما إن لم يدخلوا في عموم ذلك كما ألحقوا بهما في العتق والملك وعدم القود ورد الشهادة وغيرهما " .
انتهى من " مغني المحتاج " (5/184).

لكن يشترط لوجوب النفقة على الأصل أو الفرع شرطان:
1ـ أن يكون الأصل أو الفرع فقيراً غير قادرٍ على الكسب.
2ـ أن يكون ما ينفق من ماله ، فاضلا عن نفقة نفسه ومن تلزمه نفقتهم كأولاده .

ولا يشترط في الأصول والفروع ، أن يكون من وجبت عليه النفقة وارثاً ، على القول الراجح .

قال ابن قدامة رحمه الله : " ويجب الإنفاق على الأجداد والجدات وإن علوا ، وولد الولد وإن سفلوا ، وبذلك قال الشافعي ،والثوري ، وأصحاب الرأي .
..ثم ذكر أن للقرابة التي لا ترث أحوالا ، يعنينا منها هنا :
" إذا كان القريب محجوباً عن الميراث بمن هو أقرب منه ، فينظر : فإن كان الأقرب موسراً ، فالنفقة عليه ، ولا شيء على المحجوب به ؛ لأن الأقرب أولى بالميراث منه ، فيكون أولى بالإنفاق ، وإن كان الأقرب معسراً ، وكان من ينفق عليه من عمودي النسب [ يعني : الأصول والفروع ] : وجبت نفقته على الموسر " انتهى من " المغني" (8/170) .

وجاء في زاد المستقنع : " تجب ، أو تتمتها لأبويه وإن علوا، ولولده وإن سفل.. حجبه معسر أو لا "
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : يعني أنه لا يشترط التوارث ، فحتى لو كان المنفق محجوباً بمعسر تجب النفقة .
مثاله : رجل عنده أب فقير، وجدٌّ فقير، فيجب أن ينفق على أبيه ؛ لأنه ابنه ووارثه ، ويجب أن ينفق على جده مع أنه لا يرثه في هذه الصورة .
وقوله: " أَوْ لا " أي: أو لم يحجبه معسر، مثاله : رجل له أبٌ رقيق ، وجدٌّ حرٌّ ، فهذا الأب لا يحجب الابن ، بل ابن الابن يرث ؛ لأن الأب رقيق لا يرث، والمحجوب بالوصف لا يَحجب، وعليه : فيجب عليه الإنفاق على جده .
وكذلك لو فرض أن له جداً وليس له أب ، فيجب عليه الإنفاق؛ لأنه ليس محجوباً " .
انتهى من " الشرح الممتع" (13/500) .

وعليه : فلا يجوز لك دفع زكاة مالك لجدتك المحتاجة ، بل الواجب عليك أن تعالجها من مالك الخاص ، إذا كنت قادراً على ذلك .
فإن كنت عاجزاً لقلة ما في يدك أو لتزاحم الحقوق ، فلك أن تعالجها من زكاة مالك ؛ لأن النفقة في مثل هذه الحال غير واجبة عليك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَيَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَى الْوَالِدَيْنِ وَإِنْ عَلَوْا ، وَإِلَى الْوَالِدِ وَإِنْ سَفَلَ : إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ نَفَقَتِهِمْ ، لِوُجُودِ الْمُقْتَضَى السَّالِمِ عَنْ الْمُعَارِضِ الْمقاوم ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ " انتهى من "الاختيارات الفقهية" للبعلي (104) .
وينظر جواب السؤال رقم (111892) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب