الحمد لله.
لا يجوز لك الانتفاع بهذا المال إلا بالشرط الذي اشترطه القائمون على العمل وهو شراء الحاسوب واستعماله فيما اشترطوه من تحديث المعلومات الهندسية ونحوها, ولا يجوز لك أن تشتري الجهاز , وتدفع للشركة إيصال الشراء , ثم ترده للمتجر مرة أخرى وتأخذ ثمنه كما فعل زملاؤك , وذلك لما يلي:
أولا:
أن هذا مخالف للشرط الذي أخذت به هذا المال , وهذا غير جائز؛ لأن الشرط الذي لا يحل حراما ولا يحرم حلالا يجب الوفاء به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ ) رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
ثانيا:
أن هذا يعتبر من قبيل التدليس والكذب ، والتحيل على أكل أموال الناس بالباطل ، حيث أوهمتَهم بشراء الحاسوب , والواقع أنك قد أرجعته وأخذت ثمنه , والتدليس والكذب كلاهما محرم في شرع الله سبحانه .
ثالثا:
ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (7662) , ومن المقطوع به أن القائمين على الشركة لو علموا أنك أخذت هذا المال ولم تشتر به الحاسوب فلن تطيب نفوسهم بذلك .
رابعا:
أن الشركة في الغالب إنما تشترط على موظفيها شراء مثل هذه الأجهزة لمنفعة تعود على الشركة , من رفع مستوى الموظفين , وتحديث الأجهزة التي يستخدمونها , ونحو ذلك مما يعود نفعه على الشركة وإنتاجها وكفاءتها, وهذا يشبه ما يسمى في الشرع بهبة الثواب وهي أن يهب شخص لآخر هبة يرجو عوضها منه ، وهذا نوع من الهبة المشروطة ، أو هبة الثواب ؛ ومثل هذه الهبة ، متى فات الواهب ما قصده من الثواب ، أو لم يلتزم الموهوب له بشرط الواهب ، لكان للواهب أن يعود في هبته له ، قال ابن عابدين رحمه الله في "حاشيته" (5/710): " امْرَأَةٌ تَرَكَتْ مَهْرَهَا لِلزَّوْجِ عَلَى أَنْ يَحُجَّ بِهَا , فَلَمْ يَحُجَّ بِهَا : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ : إنَّهَا تَعُودُ بِمَهْرِهَا; لِأَنَّ الرِّضَا بِالْهِبَةِ كَانَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ , فَإِذَا انْعَدَمَ الْعِوَضُ انْعَدَمَ الرِّضَا, وَالْهِبَةُ لَا تَصِحُّ بِدُونِ الرِّضَا " انتهى .
وينظر جواب السؤال رقم (135316) ، ورقم (101859) ، ورقم(176111) .
وعليه : فلا يجوز لك
الاستفادة بهذا المال ، إلا على الوجه الذي اشترطته عليك جهة العمل.
والله أعلم .
تعليق