الحمد لله.
أولا :
تقدم في جواب السؤال رقم : (155206) بيان أن أسماء الله تعالى توقيفية ، وأنها ثابتة له سبحانه بنصوص الكتاب والسنة ، ولا مجال فيها للرأي ولا للاجتهاد .
قال ابن حزم رحمه الله :
" وَلَا يحل لأحد أَن يسمي الله تَعَالَى بِمَا لم يسم بِهِ نَفسه لِأَن من فعل ذَلِك فقد ألحد فِي أَسْمَائِهِ " انتهى من "الفصل" (2/ 97)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" أسماء الله تعالى توقيفية لا مجال للعقل فيها ، وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يزاد فيها ولا ينقص، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على النص، لقوله تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) وقوله: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ والإثم وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) ، ولأن تسميته تعالى بما لم يُسَمِّ به نفسه ، أو إنكار ما سمى به نفسه : جناية في حقه تعالى، فوجب سلوك الأدب في ذلك، والاقتصار على ما جاء به النص " انتهى من "القواعد المثلى" (ص 13)
ثانيا :
فنثبت لله تعالى من الأسماء والصفات ما أثبته لنفسه ، وما أثبته له رسوله صلى الله
عليه وسلم ، وننفي عنه تعالى ما نفاه عن نفسه ، وما نفاه عنه رسوله صلى الله عليه
وسلم .
ما لم يرد به نفي ولا إثبات ، فإننا ننظر فيه :
فإن كان معناه باطلا في حق الله ، لا يليق مثله أن ينسب إلى جناب الله ، جل جلاله :
جزمنا بنفي المعنى الباطل ، واللفظ المبتدع .
وإن كان معناه صحيحا ، أثبتنا له المعنى الصحيح ، واستعملنا له اللفظ الشرعي الدال
عليه .
انظر جواب السؤال رقم : (145804)
وأما إن كان ذلك اللفظ قد
سكت عنه الشرع ، ولم يعلم بالدليل : هل ذلك مما يليق بجناب الله إثباته ، أو نفيه :
فإننا نمسك عن مثل هذا ، فلا نثبته ، ولا ننفيه .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" مَا سَكَتَ عَنْهُ السَّمْعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْعَقْلِ
مَا يُثْبِتُهُ وَلَا يَنْفِيه سَكَتْنَا عَنْهُ فَلَا نُثْبِتُهُ وَلَا نَنْفِيه.
فَنُثْبِتُ مَا عَلِمْنَا ثُبُوتَهُ ، وَنَنْفِي مَا عَلِمْنَا نَفْيَهُ ،
وَنَسْكُتُ عَمَّا لَا نَعْلَمُ نَفْيَهُ وَلَا إثْبَاتَهُ " انتهى من "مجموع
الفتاوى" (3/ 88) ، وينظر أيضا (16/ 431) .
فعلى ما تقدم :
إطلاق القول بأننا نسكت عن نفي أي اسم عن الله تعالى ، حتى ولو كانت أسماء بشر أو
جماد أو طير : إطلاق باطل لا يجوز اعتقاده ؛ فهل يقول عاقل إن الله تعالى يسمى
بأسماء الطير أو الشجر أو ما ذكر من ذلك ؟!
سبحانه وتعالى عن كل عيب ونقصان .
والله تعالى أعلم .
تعليق