الحمد لله.
أولا :
تخصيص وقت معين لذكر الله أو الاستغفار أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، يقع على صورتين :
الأولى :
أن يكون على سبيل التعبد واعتقاد الفضل في إيقاع العبادة في هذا الوقت ، وهذا لا يشرع إلا فيما ثبت تخصيصه من قبل الشارع .
والثانية :
ألا يكون على سبيل التعبد ، بل يقع التخصيص لكونه وقت فراغ الإنسان ونشاطه ، ونحو ذلك ، وهذا لا حرج فيه .
راجع جواب السؤال رقم : (148174) .
ثانيا :
قبل الفجر وقت السحر يشرع فيه الاستغفار ؛ كما قال تعالى : ( وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) الذاريات/ 18 ، قال السعدي رحمه الله :
" (وَبِالأسْحَارِ) التي هي قبيل الفجر (هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) الله تعالى ، فمدوا صلاتهم إلى السحر ، ثم جلسوا في خاتمة قيامهم بالليل ، يستغفرون الله تعالى ، استغفار المذنب لذنبه ، وللاستغفار بالأسحار ، فضيلة وخصيصة ، ليست لغيره ، كما قال تعالى في وصف أهل الإيمان والطاعة : (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأسْحَارِ) آل عمران/17 " انتهى من "تفسير السعدي" (ص 809) .
وعلى ذلك : فتخصيص هذا الوقت
بالاستغفار ، من بين غيره من الأدعية والأذكار : هو عمل فاضل مشروع ، فإن كان أثناء
الصلاة في ذلك الوقت فهو أفضل ، قال ابن كثير رحمه الله :
" فَإِنْ كَانَ الِاسْتِغْفَارُ فِي صَلَاةٍ فَهُوَ أَحْسَنُ " انتهى من "تفسير ابن
كثير" (7/ 390) .
ثم ، لا يظهر لنا حرج في أن
يلزم الصيغة المذكورة في الاستغفار : "اللهم أنت ربي لا أنت" ، فقد ثبت في السنة
أنها صيغة فاضلة : "سيد الاستغفار" ؛ لكن لو نوع بينها وبين غيرها من صيغ الاستغفار
الواردة : لكان أولى وأحسن .
وينظر جواب السؤال رقم : (126934)
، ورقم : (122968)
.
ثالثا :
روى أبو داود (1047) عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ
الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ قُبِضَ وَفِيهِ النَّفْخَةُ وَفِيهِ
الصَّعْقَةُ فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ
مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ ) قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا
عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ - يَقُولُونَ : بَلِيتَ ؟ فَقَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ
عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ ) صححه الألباني
في "صحيح أبي داود" .
قال ابن علان رحمه الله :
" ( فأكثروا عليّ من الصلاة فيه ) ليزكو ثوابها وينمو فضلها، لأن العمل الصالح يشرف
بشرف زمانه ومكانه " انتهى من "دليل الفالحين" (6/ 627) .
وروى البيهقي (5994) عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: ( أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةَ
الْجُمُعَةِ ؛ فَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرًا ) وحسنه
الألباني في "الصحيحة" (1407) .
قال علماء اللجنة الدائمة :
" الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مستحبة دائما، وتتأكد في يوم الجمعة من غير
تخصيص بساعة معينة منه " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (24/ 162) .
وعلى ذلك : فالإكثار من
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم : يوم الجمعة ، وليلته : عمل فاضل مشروع ، ثبت
في السنة الندب إليه .
ثم إن الصلاة الإبراهيمية : هي أفضل صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ؛
فاختيارها للوقت الفاضل : حسن مشروع ، لا حرج فيه إن شاء الله .
وانظر جواب السؤال رقم : (88102) .
والله تعالى أعلم .
تعليق