الحمد لله.
أولا :
شرب الخمر من كبائر الذنوب ، والخمر أم الخبائث ، ووسيلة الرذائل ، وجماع الإثم ، ومفتاح كل شر .
ثانيا :
لا يؤاخذ السكران بما يقول حال سكره ؛ لأنه لا عقل معه .
قال ابن القيم رحمه الله :
" وَأَمَّا السَّكْرَانُ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) النساء/43، فَلَمْ يُرَتِّبْ عَلَى كَلَامِ السَّكْرَانِ حُكْمًا حَتَّى يَكُونَ عَالِمًا بِمَا يَقُولُ؛ وَلِذَلِكَ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا يستنْكه [ أي يشم رائحة فمه ] الْمُقِرَّ بِالزِّنَا ؛ لِيَعْلَمَ هَلْ هُوَ عَالِمٌ بِمَا يَقُولُ أَوْ غَيْرُ عَالِمٍ بِمَا يَقُولُ، وَلَمْ يُؤَاخِذْ حَمْزَةَ بِقَوْلِهِ فِي حَالِ السُّكْرِ: " هَلْ أَنْتُمْ إلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي " ، وَلَمْ يُكفّر مَنْ قَرَأَ فِي حَالِ سُكْرِهِ فِي الصَّلَاةِ: " أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَنَحْنُ نَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ " انتهى من "إعلام الموقعين" (3/ 87)
وقال ابن عثيمين رحمه الله :
" الصحيح أن من شرب مسكراً مع التحريم فإنه لا يعزَّر بأكثر مما جاءت به الشريعة، وهو أن يجلد أربعين جلدة، أو ثمانين جلدة، أو أكثر حسب ما يكون به ردع الناس عن هذا الشراب المحرم، وأما أن نؤاخذه بأقواله، وأفعاله، وهو لا يعقل فلا يمكن" انتهى ، "الشرح الممتع" (14/ 443)
فمن سب الله تعالى - والعياذ بالله - حال سكره الذي لا يعلم فيه ما يقول فإنه لا يحكم بكفره.
قال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله :
" السكران لا يحكم بردته إذا قال أو فعل أثناء سكره وزوال عقله ما يوجب الردة، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) النساء/43 ، فبين سبحانه وتعالى أن السكران لا يعلم ما يقول، ومن لا يعلم ما يقول فلا يؤاخذ بقول " انتهى من "شرح زاد المستقنع" (396/ 9) بترقيم الشاملة .
ثالثا:
إذا وجد الناس من هذه حاله ، فإنهم لا يتعرضون له بضرب ولا غيره ، لأن إقامة الحد الشرعي والتعزير من الأمور المنوطة بولي الأمر فقط .
قال ابن رشد : " وأما من يقيم هذا الحد – أي : جلد شارب الخمر - فاتفقوا على أن الإمام يقيمه ، وكذلك الأمر في سائر الحدود . " بداية المجتهد " ( 2 / 233 ) .
والله أعلم .
تعليق