الحمد لله.
يجب على جميع المسلمين أن يتحاكموا إلى كلام الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله محمد عليه أفضل الصلاة والسلام في كل شيء لا إلى العادات والأعراف القبلية ، ولا إلى القوانين الوضعية ، قال الله سبحانه وتعالى : ( وما اختلفتم فيه من شي فحكمه إلى الله ) الشورى/10 ، وقال سبحانه : ( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً ) النساء/60 ، وقال تعالى : ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون ) المائدة/50 ، وقال عزوجل : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً ) النساء/59 ، فيجب على كل مسلم أن يخضع لحكم الله ورسوله ، وألا يقدم حكم غير الله ورسوله - كائناً من كان - على حكم الله ورسوله ، فكما أن العبادة لله وحده فكذلك الحكم له وحده ، كما قال سبحانه وتعالى : ( إن الحكم إلا لله ) يوسف/40 ، فالتحاكم إلى غير كتاب الله سبحانه وتعالى ، وإلى غير سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من أعظم المنكرات وأقبح السيئات ، بل قد يكفر المتحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إذا اعتقد حل ذلك ، أو اعتقد أن حكم غيرهما أحسن ، قال سبحانه وتعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ) النساء/65 .
فلا إيمان لمن لم يحكّم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في أصول الدين وفروعه ، وفي كل الحقوق ، فمن تحاكم إلى غير الله ورسوله فقد تحاكم إلى الطاغوت .
وبهذا يعلم أنه لا يجوز إحياء قوانين القبائل وأعرافهم وأنظمتهم التي يتحاكمون إليها بدلاً من الشرع المطهر الذي شرعه أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين ، بل يجب دفنها وإماتتها والإعراض عنها ، والاكتفاء بالتحاكم إلى شرع الله سبحانه وتعالى ، ففيه صلاح الجميع وسلامة دينهم ودنياهم ، وعلى مشايخ القبائل ألا يحكموا بين الناس بالأعراف التي لا أساس لها من الدين ، وما أنزل الله بها من سلطان ، بل يجب أن يردوا ما تنازع فيه قبائلهم إلى المحاكم الشرعية ، وذلك لا يمنع الصلح بين المتنازعين بما يزيل الشحناء ويجمع الكلمة ويرضي الطرفين بدون إلزام ، على وجه لا يخالف الشرع المطهر ، لقوله سبحانه وتعالى : ( والصلح خير ) النساء/128 ، وقوله عز وجل : ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ) النساء/114 ، وقوله جل وعلا : ( فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ) الأنفال/1 ، ولما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الصلح جائز بين المسلمين ، إلا صلحاً حرّم حلالاً أو أحل حراماً ) .
فالواجب الالتزام بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، والتحاكم إليهما ، والحذر مما يخالفهما ، والتوبة النصوح مما سلف مما يخالف شرع الله تعالى .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه وأعاذنا جميعاً من مضلات الفتن ونزغات الشيطان ، إنه سميع قريب . وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه .
تعليق