الحمد لله.
للكلمة شأن في دين الله عظيم ؛ إذ بكلمة يقولها العبد ربما أخرجته من دين الإسلام ، قال تعالى: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا التوبة/ 74 ، وقال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ التوبة/ 65، 66، وبكلمة يقولها العبد يرفعه الله بها درجات ، وبكلمة أيضا يهوي بها في جهنم ، قال الله تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ق/ 18، وروى البخاري (5996) ، ومسلم (5304) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، وروى الترمذي (2241) وصححه ، عن بِلَال بْن الْحَارِثِ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ ، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ .
والكلمة التي يقولها هذا الشخص التي يصف نفسه فيها بأنه ( إله الرياضيات ) كلمة قبيحة فاجرة ، يخشى على صاحبها الكفر والخروج من دين المسلمين ، ذلك أنه يذكر هذه الكلمة في مقام مدح نفسه ، ووصفها بالرسوخ وعلو الكعب في علم الرياضيات ، وبلغ من غروره بنفسه وتلاعب الشيطان به أن وصف نفسه بأنه إله هذا العلم ، والله تعالى يقول : (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) .
وكلمة ( الإله ) لا تطلق على سبيل الاستحقاق إلا على الله سبحانه ، إذ الإله هو المألوه المستحق للعبادة ، قال ابن تيمية رحمه الله تعالى " فَإِنَّ " الْإِلَهَ " هُوَ الْمَأْلُوهُ ، وَالْمَأْلُوهُ هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ ، وَكَوْنُهُ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ هُوَ بِمَا اتَّصَفَ بِهِ مِنْ الصِّفَاتِ الَّتِي تَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَحْبُوبَ غَايَةَ الْحُبِّ ، الْمَخْضُوعَ لَهُ غَايَةَ الْخُضُوعِ ؛ وَالْعِبَادَةُ تَتَضَمَّنُ غَايَةَ الْحُبِّ بِغَايَةِ الذُّل " انتهى من " الفتاوى الكبرى " لابن تيمية (5 / 227) ، وإذا أطلق لفظ (الإله) على ما يعبد من دون الله فهذا من باب اعتقاد عابديها فيها ، لا من باب استحقاقها للعبادة ، فإنه لا يستحق العبادة إلا الله رب العالمين جل جلاله وتقدست أسماؤه ، ولذلك فإن كل ما يعبد من دون الله وإن كان إلها بالنسبة إلى عابده إلا أنه إله باطل لا يستحق الألوهية .
وقول ذلك الرجل : إنه إله الرياضيات ، هو تشبه منه بالوثنيين كالفراعنة وغيرهم الذين كانوا يجعلون لكل شيئا إلها .
فعلى هذا الشخص أن يسارع بالتوبة إلى الله سبحانه وأن يكف عن إطلاق هذا اللفظ فليس هناك إله بحق إلا الله سبحانه وتعالى .
والله أعلم .
تعليق