الحمد لله.
أولاً :
صلاة المرأة في بيتها ، أو في الفندق : منفردة ، لنفسها ، أو مع رفقتها في السكن : خير وأفضل من صلاتها في المسجد الحرام أو المسجد النبوي ، وإن كانت صلاتها في المسجد جائزة ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : ( لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ ) رواه أبو داود (480) ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح سنن أبي داود " .
وروى الإمام أحمد (25842) عن أم حُمَيد امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنها قالت : " يا رسول الله : إني أحب الصلاة معك ، قال : ( قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ مَعِي ، وَصَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ ، وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ ، وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ ، وَصَلَاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِي ) وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح الترغيب والترهيب " .
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (95577)
، وجواب السؤال رقم : (8868) .
ثانياً :
حكم الصلاة في الساحات والطرق المحيطة بالمسجد الحرام ، والصلاة في الفنادق المطلة
على المسجد الحرام ، مبني على مسألة اقتداء المأموم بالإمام من خارج المسجد ، وهي
مسألة خلافية ، فمن أهل العلم : من جوز ذلك بشرط أن يرى المقتدي الإمام أو من خلفه
، ومنهم من قال : بجواز الاقتداء بشرط أن تكون الصفوف متصلة ، فإذا لم تكن الصفوف
متصلة ، لم يصح الاقتداء ، حتى ولو حصلت الرؤية والمشاهدة للإمام أو من خلفه .
قال النووي رحمه الله : " يشترط لصحة الاقتداء علم
المأموم بانتقالات الإمام , سواء صليا في المسجد , أو في غيره ، أو أحدهما فيه
والآخر في غيره . وهذا مجمع عليه , قال أصحابنا : ويحصل له العلم بذلك ، بسماع
الإمام أو من خلفه ، أو مشاهدة فعله أو فعل من خلفه , ونقلوا الإجماع في جواز
اعتماد كل واحد من هذه الأمور " انتهى من " المجموع " (4/202) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " فالصواب في هذه
المسألة : أنَّه لا بُدَّ في اقتداءِ مَن كان خارجَ المسجدِ مِن اتِّصالِ الصُّفوفِ
، فإنْ لم تكن متَّصِلة : فإنَّ الصَّلاة لا تَصِحُّ .
مثال ذلك : يوجد حولَ الحَرَمِ عَماراتٌ ، فيها شُقق
يُصلِّي فيها الناسُ ، وهم يَرَون الإِمامَ أو المأمومين ، إما في الصَّلاةِ كلِّها
؛ أو في بعضِها ، فعلى كلامِ المؤلِّفِ : تكون الصَّلاةُ صحيحةً ، ونقول لهم : إذا
سمعتم الإِقامة ، فلكم أنْ تبقوا في مكانِكم وتصلُّوا مع الإِمام ولا تأتوا إلى
المسجدِ الحرام .
وعلى القول الثاني : لا تَصِحُّ الصَّلاةُ ؛ لأنَّ
الصفوفَ غيرُ متَّصلةٍ ، وهذا القولُ هو الصَّحيحُ ... " انتهى من " الشرح الممتع "
(4/298) .
وينظر جواب السؤال رقم : (45611 ) .
ثالثاً :
إذا كان المقصود من صلاة النساء في الصفوف الأولى ، أنهن يصلين أمام الرجال في مكان
واحد ، فهذا خلاف السنة ؛ فالسنة أن يصلي النساء خلف الرجال ، لكن من وقع منه ذلك ،
فصلاته صحيحة .
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين : يلاحظ من بعض الرجال في
المسجد الحرام أنهم يصفون خلف صفوف النساء في الصلاة المفروضة ، فهل تقبل صلاتهم ؟
وهل من توجيه لهم ؟
فأجاب رحمه الله : " إذا صلى الرجال خلف النساء : فإن
أهل العلم يقولون لا بأس ، لكن هذا خلاف السنة ؛ لأن السنة أن تكون النساء خلف
الرجال ، إلا أنه كما هو مشاهد في المسجد الحرام يكون هناك زحام وضيق ، فتأتي
النساء وتصف ، ويأتي رجال بعدهن فيصفون وراءهن ، ولكن ينبغي للمصلي أن يحترز عن هذا
بقدر ما يستطيع ؛ لأنه ربما يحصل من ذلك فتنة للرجال فليتجنب الإنسان الصلاة خلف
النساء ، وإن كان هذا جائزاً حسب ما قرره الفقهاء ، لكننا نقول ينبغي للإنسان أن
يتجنب هذا بقدر المستطاع ، وينبغي للنساء أيضاً ألا يصلين في موطن يكون قريباً من
الرجال " انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (13/19) .
وأما إذا كان المقصود من صلاة النساء في الصفوف الأولى
: أي أنهن يصلين مع نساء مثلهن ، وهن منفصلات عن الرجال ، فهذا قد سبق بيانه في
جواب السؤال رقم : (118155) .
وأما حكم صلاة النساء بجوار الرجال بلا حائل : فقد
اختلف فيه أهل العلم ؛ فالجمهور : يرون صحة الصلاة ، خلافاً للحنفية الذين لهم بعض
التفاصيل في المسألة .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (79122)
.
والله أعلم .
تعليق