الجمعة 7 جمادى الأولى 1446 - 8 نوفمبر 2024
العربية

العطل الناتج عن سوء الاستخدام هل يدخل في ضمان الشركة ؟

211456

تاريخ النشر : 04-03-2014

المشاهدات : 14817

السؤال


أنا الحمد لله شاب التزمت منذ فترة قريبة ، وبدأت أهتم بأمور ديني بفضل الله ، ولكن هناك ما يشغل عقلي كثيرا ويقلقني وهو رد حقوق الناس ، حيث إني قمت بشراء هاتف منذ فترة ، وقد حصلت على ضمان من الشركة ، يأتي مع الجهاز دون دفع مبالغ زائدة ، وخلال فترة الضمان قمت بالعبث في الجهاز فخرب الجهاز دون قصد مني ، ثم ذهبت إلى المحل الذي قمت بشراء الهاتف منه ، وطلبت تصليحه ، فقامت الشركة بإرسال جهاز جديد إلي ، وبعدها شعرت بالذنب . وسؤالي هنا : هل يعتبر قيمة الضمان هدية من الشركة لي وأنه من حقي، ولا يجب رد قيمة الضمان؟! وإذا كان فعلي هذا تعديا على أموال الشركة ، فكيف يمكن أن أرد المال ؟ وماذا أجعل نيتي عند التبرع ؟! أنا طالب لا أملك غير مصروفي وقد عرض علي أهلي أن يساعدوني في المبلغ ولكني رفضت ، فهل أكون آثما لأني رفضت المساعدة - وبالتالي أكون مؤخرا لرد الدين- وأردت الاعتماد على نفسي؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
نحمد الله تعالى الذي وفقك وهداك وأنعم عليك بنعمة الالتزام ، ونسأله سبحانه أن يزيدك إيمانا وهدى وتقى .

ثانيا:
بيع السلعة مع الضمان من البائع أو من الشركة المنتجة للسلعة : جائز ، ولو زاد ثمن السلعة بذلك ، مادام تابعا ومندرجا ضمن ثمن السلعة ، ولم يكن للضمان ثمن منفصل عن ثمن السلعة.
وينظر للفائدة جواب السؤال : (176025 ) .

ثالثا:
الأصل أن العيوب الحادثة بعد قبض المبيع : هي من ضمان المشتري ، سواء كان هذا العيب من فعل المشتري ، أو من فعل غيره .
قال النووي رحمه الله :
"إذَا حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْقَبْضِ ، وَلَمْ يَسْتَنِدْ إلَى سَبَبٍ قَبْلَ الْقَبْضِ : فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِ الرَّدُّ ." .
انتهى من "المجموع شرح المهذب" (12/ 127) .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
"فأما - العيب - الحادث بعد القبض ، فهو من ضمان المشتري ، ولا يثبت به خيار، وبهذا قال أبو حنيفة ، والشافعي." انتهى من " المغني " (4/ 114) .
قال ابن رشد رحمه الله :
" ولا خلاف بين المسلمين أنه - أي المبيع - من ضمان المشتري بعد القبض إلا في العهدة، والجوائح" انتهى من "بداية المجتهد" (3/ 202 ) .
ومما يشبه ذلك العيوب المَصْنَعِيَّة فيكون البائع " الشركة المصنعة " مسؤولة عنها .
رابعا:
إذا التزم البائع ضمانا لا يلزمه بأصل الشرع ، كأن يلتزم صيانة ، أو ردا بعيب لم يكن يلزمه أصلا ، لولا أنه اشترط ذلك على نفسه ، من باب الترويج والترغيب في سلعته : فلا بأس من الانتفاع بهذا الضمان .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" لو اشتريت سيارة جديدة من الوكالة ، وأصابها عطل ، فجئت بها إليهم ، فقالوا نصلحها لك مجاناً لأنها في فترة الضمان ، فهل يلزمني الامتناع ؟ فأجاب : لا يلزم . " .
انتهى من "ثمرات التدوين" مسألة ( 383 ) .
ولكن التزام البائع بالضمان أو الصيانة : يكون وفق الشروط المنصوص عليها في العقد ؛ فإذا كان هذا الضمان لا يشمل الأعطال الناتجة عن سوء الاستعمال ، أو الإهمال من قبل المشتري : فلا يحل التدليس على الشركة ، ليدخل في الضمان ؛ بل يلزم المستخدم توضيح حقيقة الحال للشركة ، وهي تنظر : هل تبذل له الضمان ، أو لا .

خامسا :
في حال تم التدليس على الشركة ليضمنوا ما لم يلتزموه في العقد ، فالواجب إعادة الجهاز الجديد إليهم ، وتعويضهم عما نقص من قيمته ، ويحق لك استرداد الجهاز المعيب .
فإن تعذر ذلك : لزم إما دفع قيمة الجهاز الجديد إليهم ، أو الصلح معهم بما يتم التراضي عليه.

فإن تعذر إيصال القيمة إليهم مباشرة أو وضعها في حسابهم ، فإنك تتصدق بها نيابة عنهم .

وعند عجزك يبقى ذلك دينا في ذمتك حتى تؤديه .

وللتوسع في كيفية التوبة من الحقوق ينظر جواب السؤال : (83099 ) .


سادسا
أما قبولك مساعدة أهلك في أداء الدين فلا يجب عليك ، سواء كان على جهة الهبة أم القرض ، ولو قبلتها لكان أفضل إذا كنت لا تخشى المنة منهم في المستقبل .
قال النووي رحمه الله :
"إذا عرض عليه مال من حلال ، على وجه يجوز أخذه ، ولم يكن منه مسألة ، ولا تطلع إليه : جاز أخذه بلا كراهة ، ولا يجب ." انتهى من "المجموع" (6/234) ، وينظر : " المغني " ، لابن قدامة (4/337) .

وقد سألنا الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله :
هل يأثم الابن بعدم قبول هبة أبيه لقضاء دين عليه أو ضمان تلف ترتب في ذمته وهو عاجز عن الوفاء به ؟
فأجاب : " لا يظهر لي أنه يأثم ." انتهى .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب