الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

كيف يتصرف الزوج مع زوجته التي أخبرت عائلتها أنه غير قادر على الجماع ؟

212374

تاريخ النشر : 18-04-2014

المشاهدات : 105921

السؤال

هل يجوز للزوجة أن تكشف لعائلتها وأقاربها وكذلك أصدقائها أن زوجها غير قادر على مجامعتها جنسياً ( لأنه ربما عاجز جنسياً أو أنه يعاني من عين حاسد أو أنه ضعيف جنسياً ) ؟ فمؤخراً كشفت الزوجة هذا الأمر لكل أقاربها لأمها وأخوالها وكذلك أعمامها بأن زوجها غير قادر على مجامعتها جنسياً ، ويشعر الزوج بحرج شديد ؟ وأيضاً ، فهذا العجز هو بلاء من الله وهو قدر محتوم من الله ؟ ولو طلق الزوج تلك الزوجة الآن : فكيف يقضي الزوج بقية حياته ، لأنه لن ترضى امرأة بالزواج منه لأنها علمت أنه عاجز جنسياً ؟ مع العلم بأن الانتصاب والحيوانات المنوية لا إشكال فيها ، بل هي جيدة ، إلا أن الزوج غير قادر على الجماع ؟ فما هو الحكم في هذا الأمر ، وماذا يلزم ذلك الزوج فعله ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :
الأصل أن كلا من الزوجين يجب عليه أن يحفظ أسرار العلاقة الزوجية بينه وبين الآخر ، ولا يفشي ذلك .

فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
يغلب على بعض النساء نقل أحاديث المنزل وحياتهن الزوجية مع أزواجهن إلى أقاربهن وصديقاتهن ، وبعض هذه الأحاديث أسرار منزلية لا يرغب الأزواج أن يعرفها أحد ، فما هو الحكم على النساء اللاتي يقمن بإفشاء الأسرار ، ونقلها إلى خارج المنزل ، أو لبعض أفراد المنزل ؟

فأجاب : " إن ما يفعله بعض النساء مِن نقل أحاديث المنزل والحياة الزوجية إلى الأقارب والصديقات : أمر محرَّم ، ولا يحل لامرأة أن تفشي سرَّ بيتها ، أو حالها مع زوجها إلى أحدٍ من الناس ، قال الله تعالى : ( فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ) ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن ( شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها ) " انتهى من " فتاوى إسلامية " (3/211 ، 212) .

ولكن : إذا دعت الحاجة إلى ذكر شيء من ذلك فلا بأس به ، بشرط ألا يزاد بذكر ما لا حاجة لذكره ، ولا ينقل الخبر إلا عند من تدعو الحاجة لإعلامه ، وترجى المصلحة بذلك .

جاء في " عون المعبود " (6/158) :
" فَإِنْ كَانَ إِلَيْهِ حَاجَةٌ ، أَوْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ : فَلَا كَرَاهَةَ فِي ذِكْرِهِ , وَذَلِكَ نَحْوَ أَنْ تُنْكِرَ الْمَرْأَةُ نِكَاحَ الزَّوْجِ لَهَا ، وَتَدَّعِي عَلَيْهِ الْعَجْزَ عَنِ الْجِمَاعِ ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ؛ كَمَا رُوِيَ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي ادَّعَتْ عليه امرأته العُنَّة قال : "يا رسول اللَّهِ ، إِنِّي لَأَنْفُضُهَا نَفْضَ الْأَدِيمِ" ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ " .


فتوسع هذه المرأة بإخبار جميع أقاربها : لا شك في أنه خطأ بالغ ، وهو من هتك سر زوجها ، وفضحه بما لا يحق لها أن تفعل .
ثم إنه يخالف داعي الحياء ، وعفة الخلق ، وسلامة الطبع .

ثانيا :
يجب على الزوج أن يعاشر امرأته بالمعروف ؛ لقوله تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 ، ومن المعاشرة بالمعروف : الجماع ، وهو واجب عليه ، بقدر كفايتها .
فإذا عجز عنه ، كان لها حق الفسخ بعد مراجعة القضاء .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" واختار شيخ الإسلام رحمه الله : أن لها أن تفسخ بعجزه عن الوطء ، وقال : إن عجزه عن الوطء أولى بالفسخ من عجزه عن النفقة ؛ والصحيح ما قاله الشيخ ؛ لأن كثيراً من النساء تريد العشرة مع الزوج ، وتريد الأولاد أكثر مما تريد من المال ، ولا يهمها المال عند هذه الأمور ، فكوننا نقول : إذا عجز عن النفقة فإن لها الفسخ ، وإذا عجز عن الوطء فليس لها الفسخ ، إلا إذا ثبتت عُنته ، فهذا فيه نظر .
فالصواب ما قاله الشيخ رحمه الله : أنه إذا عجز عن الوطء لمرض ، وطلبت الفسخ : فإنها تفسخ ، إلا إذا كان هذا المرض مما يعلم ، أو يغلب على الظن : أنه مرضٌ يزول بالمعالجة ، أو باختلاف الحال ، فليس لها فسخ ؛ لأنه ينتظر زواله " انتهى من " الشرح الممتع " (12/ 410) .

ولكن يظهر من السؤال أن الرجل راجع الأطباء ، وبينوا له سلامة وضعه طبيا ، وأنه مع ذلك يعجز عن الجماع .
ومع أنه لا مانع من مراجعة الأطباء الأكفاء مرة أخرى ، للتأكد من السلامة العضوية والنفسية في ذلك ؛ فقد يكون هذا من أثر سحر عمل لهما ، وهو ما يسمى بالربط أو سحر الصرف ، وهذا النوع من السحر له أثر بأمر الله على منع الجماع ، قال تعالى ( فيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ) البقرة/102 .

والنصيحة لك هو اللجوء إلى الله بالدعاء ، والاستعانة بالرقية الشرعية ، سواء بالقراءة على نفسك ، أو بالذهاب إلى الرقاة المأمونين في عقيدتهم ، والمعروفين ببعدهم عن الشعوذة .

جاء في " فتح الباري " للحافظ ابن حجر (10/233) :
" وَذكر بن بَطَّالٍ أَنَّ فِي كُتُبِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ : أَنْ يَأْخُذَ سَبْعَ وَرَقَاتٍ مِنْ سِدْرٍ أَخْضَرَ ، فَيَدُقُّهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ ، ثُمَّ يَضْرِبُهُ بِالْمَاءِ ، وَيَقْرَأُ فِيهِ آيَةَ الْكُرْسِيِّ ، وَالْقَوَاقِلَ ، ثُمَّ يَحْسُوُ مِنْهُ ثَلَاثَ حَسَوَاتٍ ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ بِهِ : فَإِنَّهُ يُذْهِبُ عَنْهُ كُلَّ مَا بِهِ ، وَهُوَ جَيِّدٌ لِلرَّجُلِ إِذَا حُبِسَ عَنْ أَهْلِهِ " انتهى .

"وَالْقَوَاقِلَ" هي السور المبدوءة بـ " قل " ، وهي : سورة الإخلاص ، والكافرون ، والمعوذتين .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" ومن علاج السحر بعد وقوعه أيضا ، وهو علاج نافع للرجل إذا حبس من جماع أهله : أن يأخذ سبع ورقات من السدر الأخضر فيدقها بحجر أو نحوه ويجعلها في إناء ويصب عليه من الماء ما يكفيه للغسل , ويقرأ فيها آية الكرسي و ( قل يا أيها الكافرون ) و ( قل هو الله أحد ) و ( قل أعوذ برب الفلق ) و ( قل أعوذ برب الناس ) ، وآيات السحر التي في سورة الأعراف , وهي قوله سبحانه : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ ) ، والآيات التي في سورة يونس ، وهي قوله سبحانه : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ * فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ) ، والآيات التي في سورة طه : ( قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى* فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى* قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ) .

وبعد قراءة ما ذكر في الماء : يشرب منه ثلاث مرات ، ويغتسل بالباقي ، وبذلك يزول الداء إن شاء الله , وإن دعت الحاجة لاستعماله مرتين أو أكثر : فلا بأس حتى يزول الداء .

ومن علاج السحر أيضا ، وهو من أنفع علاجه : بذل الجهود في معرفة موضع السحر في أرض أو جبل أو غير ذلك , فإذا عرف واستخرج وأتلف : بطل السحر " انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (3/279) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب