الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

هل ثبت عن ابن عباس أن جبريل عليه السلام كان يعتني بالسامري ويربيه في صغره ؟

216657

تاريخ النشر : 21-06-2014

المشاهدات : 130535

السؤال


ما صحة القصة التي رواها ابن عباس رضي الله عنهما أنّ جبريل عليه السلام كان يعتني ويطعم السامري ، حيث كان طفلاً ، وضعته أمه في أحد الكهوف ، وبسبب ذلك تمكن السامري من معرفة جبريل عليه السلام حين شاهده ، فقام بقبض قبضة من أثره ؟ وأرجو ذكر الدليل إذا كانت القصة صحيحة .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
ذكر بعض المفسرين أن فرعون كان يقتل البنين ممن يولد لبني إسرائيل : سنة ، ويدعهم سنة ، وأن السامري ولد في السنة التي يقتل فيها البنون ، فوضعته أمه في كهف خوفا عليه ، فبعث الله إليه جبريل ليربيه ويغذيه ؛ ولذلك عرفه حين شاهده ، فقبض قبضة من أثره .
فروى ابن جرير عن ابن جُرَيج ، قال : " لما قتل فرعون الولدان ، قالت أمّ السامريّ : لو نحيتُه عني حتى لا أراه ، ولا أرى قتله ، فجعلتْه في غار ، فأتى جبرائيل ، فجعل كفّ نفسه في فيه ، فجعل يُرضعه العسل واللبن ، فلم يزل يختلف إليه حتى عرفه ، فمن ثم معرفته إياه حين قال : ( فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ ) " .
انتهى من " تفسير الطبري " (18/ 361) .

وقال البغوي رحمه الله :
" فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ عَرَفَهُ وَرَأَى جِبْرِيلَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ النَّاسِ ؟ .
قِيلَ : لِأَنَّ أُمَّهُ لَمَّا وَلَدَتْهُ فِي السَّنَةِ الَّتِي يُقْتَلُ فِيهَا الْبَنُونَ ، وَضَعَتْهُ فِي الْكَهْفِ حَذَرًا عَلَيْهِ ، فَبَعَثَ اللَّهُ جِبْرِيلَ لِيُرَبِّيَهُ لِمَا قَضَى عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْفِتْنَةِ " انتهى من " تفسير البغوي " (5/ 292) .

وقال القرطبي رحمه الله :
" رُوِيَ فِي قَصَصِ الْعِجْلِ : أَنَّ السَّامِرِيَّ ، وَاسْمُهُ مُوسَى بْنُ ظَفَرَ ، يُنْسَبُ إِلَى قَرْيَةٍ تُدْعَى سَامرةَ . وُلِدَ عَامَ قَتْلِ الْأَبْنَاءِ ، وَأَخْفَتْهُ أُمُّهُ فِي كَهْفِ جَبَلٍ ، فَغَذَّاهُ جِبْرِيلُ فَعَرَفَهُ لِذَلِكَ " انتهى من " تفسير القرطبي " (7/ 284) .
وانظر : " تفسير الخازن " (3/ 211) .

وأنشد بعضهم :
فموسى الذي رباه جبريل كافر ** وموسى الذي رباه فرعون مرسل
انظر : " تفسير الألوسي " (2/ 213) ، " تاج العروس " (12/ 82) .

وهذا لا يعرف له أصل في نصوص الشريعة ، فلا يعول عليه ، بل ذكر العلامة المحقق الطاهر ابن عاشور رحمه الله في تفسيره " التحرير والتنوير " (16/ 296) : أن هذا لا يوجد - أيضا - في كتب الإسرائيليين !!

قال ابن عطية رحمه الله :
" وسبب معرفة السامري بجبريل ، ومَيْزِه له ، فيما روي : أن السامري ولدته أمه عام الذبح ، فطرحته في مغارة ، فكان جبريل عليه السلام يغذوه ويحميه ، حتى كبر وشب ، فميزه بذلك .
قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف " انتهى من " تفسير ابن عطية " (4/61) .

ثانيا :
نقل مثل هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما : منكر لا يصح ، فإنها من رواية الكلبي عنه ، كما ذكر الرازي في تفسيره (22/95) ؛ وطريق الكلبي : هو طرق رواية التفسير عن ابن عباس .

قال السيوطي رحمه الله :
" وأوهى طرقه - يعني طرق التفسير عن ابن عباس - طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، فإن انضم إلى ذلك رواية محمد بن مروان السدي الصغير فهي سلسلة الكذب " انتهى من " الإتقان في علوم القرآن " (2 /497-498) .

وينظر : " الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة " (ص 316) .
وينظر في ترجمة الكلبي ، ورد مروياته : " ميزان الاعتدال " (3 /557-559) .

ثالثا :
قد قيل في تأويل ذلك أيضا : أنه السامري ألقى في روعه : أنك إِنَّ أخذت مِنَ أثر هَذَا الفرس قبضة ، فألقيتها في شيء : كان لك ما تريد ، كما قال عكرمة فيما رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (7/ 2431) بسند صحيح عنه .

وقال ابن الجوزي رحمه الله : " قال المفسرون : فقال له موسى : وما ذاك ؟ قال : رأيت جبريل على فرس ، فأُلقي في نفسي : أن اقبض من أثرها ، فَقَبَضْتُ قَبْضَةً " انتهى من " زاد المسير" (3/ 174) .

وانظر للفائدة : إجابة السؤال رقم : (212750) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب