السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

شبهة أن كلمة فرعون يونانية وأن القرآن أخذها منهم

216757

تاريخ النشر : 13-06-2014

المشاهدات : 4987

السؤال


البعض يقول : إن كلمة فرعون جاءت من اليونان ، والقرآن أخذ ذلك منهم ، فهل هذا صحيح ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
وجود أسماء بعض الأعلام الأعجمية في القرآن الكريم أثناء ذكر قصصهم ؛ لا إشكال فيه ؛ لأن القرآن يقص حوادث وقعت للعظة والاعتبار ، فهو يقص الواقع الذي حدث كما حدث ؛ فيذكر الأشخاص بأسمائهم والأماكن بأسمائها المتعارف عليها ، ومن شأن أسماء الأعلام أن تحكى لا أن تترجم .
قال القرطبي رحمه الله تعالى :
" لا خلاف بين الأمّة أنّه ليس في القرآن كلام مركّب على أساليب غير العرب ، وأنّ فيه أسماءً أعلاما لمن لسانه غير لسان العرب ، كإسرائيل ، وجبريل ، وعمران ، ونوح ، ولوط " .
انتهى من " الجامع لأحكام القرآن " ( 1 / 110 ) .

ثانيا :
القول : إن أصل كلمة " فرعون " يوناني أو غيره لا يعتبر طعنا في القرآن الكريم ؛ والمعهود في تفسير مثل ذلك : أن هذا الاسم انتشر بين الأمم ، ووصل إلى العرب في الجاهلية ، وعرفوه وعرفوا المقصود منه ، فلمّا نزل القرآن خاطبهم بهذا اللفظ الذي يعرفونه . والمتعارف عليه عند الناس أن الإنسان إذا خاطب قوما بمصطلح منتشر بينهم لكي يفهموه لا يقولون له أنت سرقت منا هذا المصطلح .

ثالثا :
أن مثل هذه الشبهات أن القرآن الكريم أخذ هذه الكلمة من تلك اللغة وهذه القصة من ذلك الكتاب ونحو ذلك ، هي كلها أكاذيب ؛ لأنّ قولا مثل هذا يلزم منه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد عاش مع علماء من أمم مختلفة ، وامتلك مكتبة ثرية بالكتب ، وأن يكون قد ألمّ بعدة لغات ؛ وهذا كله مستحيل ؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم كان أميا ، ونشأ في مكة ، وهي بلدة خالية من العلم والكتب ، بعيدة جدا عن أماكن العلم في ذلك الزمن ، ولم يثبت لأحد من أهلها ، نوع معرفة بلسان اليونان ، أو السريان ، أو إلمام بتراثهم .
يقول د. عبد الرحمن بدوي :
" يؤكد كل هؤلاء الكتاب – يقصد المستشرقين - أن محمدا صلى الله عليه وسلم باعتباره مؤلفا للقرآن اقتبس أغلب القصص ، وعددا كبيرا من الصور البيانية ، وكذلك الحكم والأمثال ، من الكتب المقدسة ، أو شبه المقدسة لدى اليهود والنصارى .
ولكي نفترض صحة هذا الزعم ، فلا بد أن محمدا كان يعرف العبرية والسريانية واليونانية ، ولا بد أنه كان لديه مكتبة عظيمة اشتملت على كل نصوص التلمود والأناجيل المسيحية ، ومختلف كتب الصلوات ، وقرارات المجامع الكنسية ، وكذلك بعض أعمال الأدباء اليونانيين ، وكتب مختلف الكنائس والمذاهب المسيحية .
هل يمكن أن يعقل هذا الكلام الشاذ لهؤلاء الكتاب ، وهو كلام لا برهان عليه .
... إن حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم قبل ظهور رسالته وبعدها : معروفة للجميع ، على الأقل في مظاهرها الخارجية ، ولا أحد قديما أو حديثا يمكن أن يؤكد أن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم كان يعرف غير العربية ؛ إذا كيف يمكن أن يستفيد من هذه المصادر كما يدعون ! " انتهى من " دفاع عن القرآن ضد منتقديه " ( ص 24 ) .

رابعا :
ننبه إلى أنّ ما يسمى بالبحوث والتفسيرات التاريخية للعصور الموغلة في القدم ؛ ليست كلها صحيحة ، ولا هي نتائج أخيرة ، مبنية على براهين علمية ثابتة ؛ بل هي اجتهاد بشري لتفسير أمر وقع في الماضي البعيد ، ضاعت أكثر تفاصيله ومعالمه ؛ فلهذا ليس من الموضوعية في شيء أن نعتمد على كلام باحث ما ، في بيان أصل كلمة معين ، ونجعله حقيقة علمية ، ثم نحاكم إليها تاريخ الأمم وتراثها !!
ونحن نرى اليوم وقائع تاريخية في عصرنا الحاضر تتضارب فيها آراء المؤرخين رغم أنها في كثير من الأحيان أبطالها أحياء ، فكيف إذا بتفاصيل دقيقة جدا ترجع إلى عصور قديمة .
فهذا الذي يقول اسم فرعون أصله يوناني ، ما الذي يمنع أن اليونانيين أخذوا هذا الاسم عن غيرهم ؟! ثم قبل ذلك : ما البرهان القاطع الواضح على مثل ذلك ؟

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب