السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

تخشى من تأخر الزواج وتحزن كلما تزوجت إحدى صديقاتها

السؤال


دائما أري لي صديقات تزوجن ومنهم من تخطب فأحزن وأشعر أن سن الزواج سيتأخر بي ، وبما أني لا يراني أحد ؛ لأني في المنزل أشعر بأني لن أتزوج ، ومن أين سيأتي الزوج وأنا في المنزل لا أنزل ولا يراني أحد ولا اعمل ، وأنه إذا قطعت علاقاتي بالأولاد فمن أين سيأتي الشخص الذي سيتزوجني ؟ بماذا تنصحوني ؟ وما الإجراءات الصحيحة الواجب اتباعها بهذا الصدد ؟ ودائما لدي فكر : أنه يجب معرفة الشخص جيدًا قبل الزواج به وأخذ فتره في محادثته لمعرفته حتى لا يكون فيما بعد سيء أو هكذا فهل هذا صحيح ؟ أم لابد من الزواج على طول ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
إذا تأمل المسلم قوله تعالى : ( نحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ ) الزخرف/32 .

علم أن انقسام الناس إلى غني وفقير ، وقوي وضعيف ، وصحيح ومريض ، ومتزوج وغير متزوج ، ومن رزق أولاداً ولم يرزق أولاداً ... إلخ .

علم أن هذه القسمة من الله تعالى ، ليست من البشر ، وحينئذ يرتاح قلبه ولا يقع في قلبه شيء من الحسد لمن رزقه الله بنعمة ، ولا يقع في قلبه شيء من الهم والحزن ؛ لأنه لم يتنعم كما تنعم فلان من الناس ، لأنه يعلم أن كل ذلك بأمر الله تعالى ومشيئته ، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن .

وإذا علم المسلم ذلك فلا يصيبه الهم بشأن المستقبل ، بل يعلم أن المطلوب منه هو أن يستقيم على أمر الله ، وأن يعيش حياته كلها لله ومع الله ، ثم بعد ذلك يقسم الله له من الأرزاق ما يشاء ، وسوف يرزقه الله تعالى الرضا والقناعة بما رزقه .
ورزق الإنسان محدد له ، وسوف يأتيه الرزق الذي حدده الله له بلا زيادة ولا نقصان ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَقْصَى رِزْقَهَا وأجَلَهَا ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ) صححه الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (6/865) .
أي : أن رزق الإنسان سيأتيه ولا بد ، والمطلوب من الإنسان هو أن يتقي الله وأن يستقيم على أمره ، وأن يجمل في طلب الرزق ، أي : يقتصد في طلب الرزق فلا يطلبه إلا من الحلال ؛ لأنه مهما فعل فلن يأخذ شيئا لم يكتبه الله له .

فليس خروجك من البيت ولا علاقاتك بالشباب ولا... ولا ....
ليس شيء من ذلك ولا كل ذلك ، هو الذي سيأتيك برزق الزواج ، ( فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ) . فلا تنشغلي بهموم المستقبل التي يلقيها الشيطان في قلبك ليصدك عن طريق الله ، وانشغلي بما أراده الله منك في هذه اللحظة الراهنة ، واستقيمي على أمر الله ، وسيأتيك ما قدر لك من الرزق لا محالة .

ثانيا :
أما معرفة الشخص ومحادثته مدة قبل الزواج من أجل التعرف عليه فالواقع يقول : إن هذه المعرفة قبل الزواج لا فائدة منها ، ولا تضمن للزواج أن يكون ناجحا ، وانظري لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : ( 84102 ) ، وفيه أن أكثر الزيجات المبنية على معرفة سابقة وقصص حب وغرام هي زيجات فاشلة وتنتهي بالطلاق .
بل هذه المعرفة في غاية الخطورة على الفتاة ؛ لأن الشاب قد يكون كاذبا مخادعا فيأخذ منها كل ما يريد ، وتخسر هي كل شيء ، ولا تأخذ شيئا ، وكل فتاة تقول لنفسها : إني لست كغيري ، والشاب الذي أحبه وأخرج معه ليس كغيره من الشباب ، وبهذه الخدعة يخدعها الشيطان حتى تقع في شباكه وقد خسرت كل شيء ، ويتبين لها في النهاية أنها كغيرها من الفتيات .
وانظري لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم (84089) .

فيكفي للتعرف على الشخص السؤال عن دينه وأخلاقه والأسرة التي تربى فيها ومعها ، وقد يكون المستوى التعليمي والاجتماعي هاما في بعض المجتمعات بحيث لا يمكن التغاضي عنه ، ثم فترة خطوبة قصيرة ثم بعد ذلك العقد ، واعلمي أن المعرفة الحقيقية لأخلاق الزوجين لن تكون إلا بعد الدخول حينما يظلهما سقف واحد ، أما قبل ذلك ... في فترة الخطوبة والعقد ، فكل منهما يظهر حسن ما عنده ، ولا يظهر سوءا ، وكل منهما يتكلف لإرضاء الطرف الآخر ، ثم تظهر الحقيقة بعد الدخول ، فيعود الإنسان إلى طبيعته ويبتعد عن التصنع والتكلف .
فمهما طالت تلك المدة التي قبل الزواج فلن تكون كافية ولا معبرة تعبيرا حقيقيا عن نجاح الزواج أو فشله .

نسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك ، ويوفقك لما يحب ويرضى .

والله اعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب