الحمد لله.
أولا :
التابعون هم الذين جاءوا بعد عصر النبوة ، فلم يلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما صحبوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
وأتباع التابعين هم الذين لم يلقوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما رأوا التابعين ، وصحبوهم .
والتابعي - في مصطلح الحديث - : من لقي الصحابي ، ولا يشترط طول الصحبة - على الصحيح ، فكل من لقي الصحابة ومات مسلما فهو تابعي ، وبعضهم أفضل من بعض .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في " نخبة الفكر " (4/ 724) : " التَّاَّبِعِيِّ : هُوَ مَنْ لَقِيَ الصَّحَابِيَّ " انتهى .
وقال ابن كثير رحمه الله :
" قال الخطيب البغدادي : التابعي : من صحب الصحابي . وفي كلام الحاكم ما يقتضي إطلاق التابعي على من لقي الصحابي وروى عنه وإن لم يصحبه " انتهى .
وقال العراقي رحمه الله في " ألفيته " (ص/66) :
والتَّابعِي اللاَّقِي لِمَنْ قَدْ صَحِبَا
وأتباع التابعين هم الذين لقوا التابعين ، ولم يدركوا الصحابة رضي الله عنهم .
والتابعون مثل : سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والحسن البصري ومجاهد بن جبر وسعيد بن جبير وعكرمة مولى ابن عباس ونافع مولى ابن عمر .
وأتباع التابعين مثل : الثوري ومالك وربيعة وابن هرمز والحسن بن صالح وعبد الله بن الحسن وابن أبي ليلى وابن شبرمة والأوزاعي .
ثانيا :
روى البخاري (3651) ، ومسلم (2533) عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ ) .
قال النووي رحمه الله :
" الصَّحِيحُ أَنَّ قَرْنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الصَّحَابَةُ ، وَالثَّانِي : التَّابِعُونَ ، وَالثَّالِثُ : تَابِعُوهُمْ " انتهى من " شرح النووي على مسلم " (16/85) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" قَوْلُهُ ( ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ) أَيِ الْقَرْنُ الَّذِي بَعْدَهُمْ ، وَهُمُ التَّابِعُونَ ، ( ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ) وَهُمْ أَتْبَاعُ التَّابِعِينَ " انتهى من " فتح الباري " (7/6) .
وقال القاري رحمه الله :
" قَالَ السُّيُوطِيُّ : وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ - يعني القرن - لَا يَنْضَبِطُ بِمُدَّةٍ ، فَقَرْنُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُمُ الصَّحَابَةُ ، وَكَانَتْ مُدَّتُهُمْ مِنَ الْمَبْعَثِ إِلَى آخِرِ مَنْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَقَرْنُ التَّابِعِينَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ إِلَى نَحْوِ سَبْعِينَ ، وَقَرْنُ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ مِنْ ثَمَّ إِلَى نَحْوِ الْعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ، وَفِي هَذَا الْوَقْتِ ظَهَرَتِ الْبِدَعُ ظُهُورًا فَاشِيًا ، وَأَطْلَقَتِ الْمُعْتَزِلَةُ أَلْسِنَتَهَا ، وَرَفَعَتِ الْفَلَاسِفَةُ رُءُوسَهَا ، وَامْتُحِنَ أَهْلُ الْعِلْمِ لِيَقُولُوا بِخَلْقِ الْقُرْآنِ ، وَتَغَيَّرَتِ الْأَحْوَالُ تَغَيُّرًا شَدِيدًا ، وَلَمْ يَزَلِ الْأَمْرُ فِي نَقْصٍ إِلَى الْآنَ ، وَظَهَرَ مِصْدَاقُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ) " انتهى من " مرقاة المفاتيح " (9/3878) .
والله أعلم .
تعليق