الحمد لله.
الإصابة بالعين أمر حق قد يحدث للإنسان .
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( الْعَيْنُ حَقٌّ ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا ) رواه مسلم ( 2188 ) .
وقد شرع الله العلاج من العين ، ومن طرق العلاج الاستغسال .
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : " كَانَ يُؤْمَرُ الْعَائِنُ فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ الْمَعِينُ " رواه أبو داود ( 3880 ) ، وصحح إسناده الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " ( 6 / 61 ) .
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ : " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَكَّةَ ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الْخَرَّارِ مِنَ الْجُحْفَةِ ، اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ ، وَكَانَ رَجُلًا أَبْيَضَ ، حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ ، وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ !! فَلُبِطَ بِسَهْل ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، هَلْ لَكَ فِي سَهْلٍ ؟ وَاللهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ ، وَمَا يُفِيقُ ، قَالَ: ( هَلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ ؟ ) ، قَالُوا: نَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِرًا ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ ، وَقَالَ: ( عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ ؟ هَلَّا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ ؟ ) ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : ( اغْتَسِلْ لَهُ ) ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ، وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ ، وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ ، وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ ، ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ ، يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ ، يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ ، فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ ، فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ ، لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ " رواه أحمد في " المسند " ( 25 / 355 – 356 ) ، وصححه الألباني في " مشكاة المصابيح " ( 4562 ) .
فإذا حصل ذلك : بأن صب المصاب بالعين على نفسه ، واغتسل بهذا الماء ، فقد حصل المقصود إن شاء الله ، ولو بقيت فضلة من هذا الماء ، فلا يظهر وجه لاشتراط استيعابه ، وإنفاد جميع الماء في الغسل .
وعلى ذلك : فلا حرج في استعمال ما تفضل من هذا الماء ، لشخص آخر يشك أنه أصيب بالعين من نفس الشخص ؛ لأن المقصود استعمال ماء وضوء العائن ، وهذا ـ أيضا ـ متحقق في هذه الصورة ، فلا داعي لطلب ماء جديد ، خاصة وأن ذلك قد يكون فيه مشقة ، أو حرج لكلا الطرفين .
ومما يحسن التنبه إليه أن للمسلم طلب ماء وضوء العائن عند ظهور أمارات الإصابة بالعين ، أما مع عدم وجود أمارات ، بل مجرد التهمة والوسوسة ، فلا نرى ذلك ، لأن فيه من الإحراج للمطلوب منه ، وكثرة القيل والقال عليه ، ما يتنافى مع حقه ، كما أن في هذا التصرف فتحا لباب الوساوس والشكوك ؛ مع أن الأصل الإعراض عنها وليس التمادي فيها والاستجابة لها .
والله أعلم .
تعليق