الحمد لله.
هنيئا لك أيتها السائلة ما منَّ الله سبحانه وتعالى به عليك من الهداية والتوفيق للتمسك بأحكام الإسلام وشرائعه وأخلاقه وآدابه ، ونسأل الله سبحانه لك دوام الاستقامة على أمر الله سبحانه ، وأن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن .
أما بخصوص الزواج من هذا الشخص أو غيره فلا يجوز دون ولي ، لأن الولي من شروط صحة العقد كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (99696).
وانقطاعك عن أبيك منذ فترة ليس بعذر لك في الزواج بدون ولي ، هذا بالإضافة إلى أن هجر الوالد هذه الفترة أمر محرم ، بل كبيرة من الكبائر ، لما فيه من العقوق وقطع الرحم ، وقد سبق أن بينا أن هجر الوالد وترك صلته أمر محرم ، مهما فعل الوالد من الإساءة والتقصير ، فكيف إذا كان السبب في ذلك عائدا إلى الابن ؟!
وينظر الفتوى رقم : (87802).
فالنصيحة لك أن تسارعي بالتواصل مع أبيك ، والإحسان إليه ، والاعتذار عما حدث منك من تقصير وإساءة ، ثم تعلمينه بشأن هذا الخاطب ، فإن شاء باشر هو العقد بنفسه ما دام مسلما ، وإن شاء وكَّل غيره في مباشرة العقد ، أما أن تتجاوزي والدك ، وتوكلين غيره ، سواء أكان إمام المسجد أو غيره فهذا لا يجوز ، بل ذهب أهل العلم إلى أن المرأة إذا زوَّجها وليها الأبعد ، كالأخ ، مع وجود الأقرب ، كالأب لم يصح النكاح ، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (135233) .
فعقد الأجنبي مع وجود الولي لا يصح من باب أولى .
أما ما يطلبه هذا الشاب من رؤيتك ولقائك قبل الزواج فهذا في الأصل أمر مشروع ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (2572).
ولكن أن تذهبي إليه ليراك بمفردك فهذا لا يجوز ؛ خصوصا إذا ترتب على ذلك خلوة ؛ لأن الخلوة بالمرأة محرمة كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (94019) .
وكذا ذهابك إليه مع غير مسلم لا يجوز أيضا ؛ لأن تعاملك مع شخص أجنبي غير مسلم لا يجوز ، وهو باب كبير من أبواب الفتنة والفساد .
والنصيحة لك في هذا المقام : أن تسارعي أولا بالاتصال بوالدك وإعلامه بهذا الأمر ، ولتنتظري رأيه ، فإن وافق على لقائك بهذا الشاب ، فيكون ذلك بتدبير من والدك ، وحضوره ، أو مرافقته .
فإن تعذر ذلك ، وكل هو بعض محارمك في تدبير ذلك ، ومرافقتك فيه .
فإن تعذر ذلك أيضا ، جاز لك أن تقابليه برفقة بعض المسلمين الثقات المؤتمنين ، ونقترح لك إمام المسجد ، أو بعض القائمين على المركز الإسلامي الكائن بمحيطكم ، وليكن التواصل واللقاء بينك وبين هذا الشاب بعد ذلك من خلال هذا الإمام أو القائمين على المركز الإسلامي ؛ لأن تعاملك المباشر معه باب من أبواب الشر ، وذريعة كبيرة إلى الفساد .
فإن حدث بينكما قبول وجاء وقت العقد فالأمر كما سبق بيانه ، إما أن يأتي أبوك لمباشرة العقد ، وإما أن يوكِّل والدك غيره في تزويجك بدلا عنه ، سواء أكان هذا الغير من أقاربك أم من غيرهم.
وننبهك في النهاية على أمر هام ، وهو أنه يشترط في هذا الشاب الذي تقدم لخطبتك أن يكون مسلما عفيفا ؛ لأن المسلمة لا يجوز لها الزواج إلا من مسلم عفيف كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (85335) ، والفتوى رقم : (118098) .
ومن باب أولى : ألا يجوز لها الزواج بغير مسلم ، فهذا محرم ، ونكاح باطل بالإجماع .
والله أعلم .
تعليق