الحمد لله.
نود أن نطمئنك أولاً أن إنكار وجود شخص الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في التاريخ مغالطة ، وليست محل بحث أصلا لدى الملاحدة ، فضلا عن اليهود والنصارى وغيرهم من أتباع الأديان الأخرى . ولا تصدر هذه الفكرة إلا عن بعض العوام الجهلة الذين لا يدركون معنى كلامهم هذا ، فمثلهم كمثل الذي ينكر حقائق التاريخ لأنه لم يرها !!
ومن ذهب إلى هذا فإنه ينادي على نفسه بالفضيحة العقلية بين الخلائق ؛ ذلك أن الحقائق التاريخية جميعها لا تثبت بتصويرها ليراها الإنسان بأم عينه فحسب ، بل تثبت بالإخبار عنها ، وبآثارها المتنوعة والمتعددة التي تصل إلى درجة اليقين الذي لا يمكن التشكيك فيه .
ولو سألت هذا المستنكر - إذا كان من النصارى مثلا - سؤالا مباشرا أيضا : هل تملك دليلا تاريخيا أكيدا على وجود شخص السيد المسيح عليه الصلاة والسلام ؟
وهكذا تسأل السؤال نفسه لكل تابعِ دينٍ عما يقدسه في دينه ، ليثبت لك تاريخيا وجوده بالدليل الذي يطلبه . وسيكون جواب هؤلاء على سؤالك ، هو جوابك على سؤالهم .
والأدلة اليقينية التاريخية على وجود شخص النبي الكريم محمد صلى الله
عليه وسلم لا تعد ولا تحصى ، ونحن نذكر هنا شيئا يسيرا من تلك الأدلة الإجمالية ،
وليست التفصيلية ، فمنها:
1. القرآن الكريم ، وهو أكبر وأعظم شاهد ودليل على ذلك ، فما زال القرآن موجودا ،
معروفا لمن آمن به ، أو كفر به على السواء ، لا يشكون في أن هناك كتابا اسمه القرآن
، أتى به نبي اسمه محمد بن عبد الله ، وقد تضمن هذا القرآن تصديقه ، ودل عليه ،
وأخبر به ، منذ خمسة عشر قرنا من الزمان .
2. الآثار النبوية الماثلة للعيان في مكة والمدينة النبوية ، أولها القبر الشريف
الذي يثوي جسده الطاهر ، ومسجده الذي بناه بيده عليه الصلاة والسلام ، وسائر
المشاهد والوقائع النبوية المطهرة هناك كغار حراء وغار ثور ... وغير ذلك .
3. الأسانيد المتصلة بالأحاديث والسير والأخبار إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، من
أقواله وأفعاله وتقريراته ، وأعدادها تزيد على عشرات الآلاف ، كلها شواهد متصلة
ومسندة على حقيقة هذه الشخصية العظيمة ، ولا توجد أمة من الأمم لها أسانيد متصلة
إلى نبيها إلا الأمة المحمدية فقط ، وذلك من فضل الله علينا .
4. ما لا يحصيه إلا الله عز وجل من الأدلة على وجود الصحابة الكرام ، فكل صحابي له
قصة وحكاية ، وله أخبار وآثار ، فمجموع هذه الأخبار والآثار لا تعد ولا تحصى ، وكل
هذه الأدلة تتمحور في الدلالة على الصاحب الأعظم لهم ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم
.
5. المخطوطات والوثائق التي لا حصر لها المنتشرة عبر جميع مكتبات العالم ، التي تدل
على وجود هذه الشخصية النبوية المكرمة في ذلك العهد من الزمان .
6. كتب التاريخ المسلمة وغير المسلمة ، وهي أيضا لا حصر لها ، كلها تناقش دعوة
النبي صلى الله عليه وسلم ، وتتحدث عن الدولة التي أقامها ، وأخبارها وأحوالها
الداخلية والخارجية .
7. الحوادث التاريخية الكبرى التي جرت بين الأمة التي أسسها نبينا محمد صلى الله
عليه وسلم وسائر الأمم الأخرى ، كالمعارك الكبرى بين المسلمين والفرس ، والمسلمين
والروم .
8. كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الدنيا في زمنه يدعوهم إلى الإسلام ،
وذلك أمر ثابت في التاريخ ، بل لا يزال بعض هذه الكتب موجودا إلى الآن ويحتفظ به .
9. تاريخ العالم الإسلامي الذي نقل بالتواتر القطعي ، الذي ابتدأ بالعهد النبوي ثم
بعهد الخلفاء الراشدين ثم العهد الأموي ثم العباسي ... كله أدلة قطعية على ما ذكرنا
.
10. الآلاف المؤلفة من العوائل الكريمة التي تناسلت من النسب الشريف إلى النبي صلى
الله عليه وسلم ، وهذه العوائل كلها تحمل من إثباتات الأنساب الصحيحة من نسل الحسن
أو الحسين رضي الله عنهما ما لا ينكره عاقل ، فكيف ينكر أحد بعد ذلك قيام الدليل
على شخص النبي صلى الله عليه وسلم وأحفاده متواترون يحيون بين الناس .
11. جميع المعجزات التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى رأسها القرآن
الكريم ، التي تدل على صحة دعوة الإسلام ، هي أدلة حقيقية على شخصه الكريم عليه
الصلاة والسلام.
والخلاصة : أن الإثبات التاريخي على وجود شخص النبي محمد صلى الله عليه وسلم في
التاريخ قائم وموجود ، لا يحتاج من المتشكك أكثر من قراءته ليدرك حجم مغالطته .
والله أعلم .
تعليق