الثلاثاء 2 جمادى الآخرة 1446 - 3 ديسمبر 2024
العربية

متعلق بشاب ويبحث عن علاج

225124

تاريخ النشر : 25-04-2016

المشاهدات : 15643

السؤال


وأنا صغير بين الخامسة والسادسة كنت أهتم بحسن خلق الرجال الذين فيهم وسامة ، وكنت لا أنزع عيني عن رجل تعجبني وسامته ، وعندما كبرت أي وصلت إلى سن البلوغ بين الـ 13 والـ 15 ، وتعلمت العادة السرية ، كنت أستمني وأنا أتخيل نفسي مع رجل وسيم ، حتى وقعت في مشاهدة الأفلام المحرمة الخاصة بالشواذ . كبرت وكبر معي هذا البلاء ، ومن ذاك الزمان إلى الآن وأنا على هذه الحالة ، وأنا الآن وـ العياذ بالله ـ أعشق رجلا ولكن لم يسبق أن حدثته ، بل كلما أمر عليه أبقى أنظر في عينيه ، وعندما أبقى وحيدا أفتح صورة من صوره على الفيسبوك أتمعن فيها وأقبلها وأبكي . رغم أنني لم أكلمه أبدا ، بل أكثر شيء يعجبني فيه تلك الوسامة والأناقة ، والله تعبت من كوني شاذا ، أما بالنسبة لمرحلة الطفولة فأنا أصغر إخوتي ، عشت ذليلا ، كان إخوتي الأكبر سنا مني يضربونني ويهينونني كثيرا ، بالنسبة لتديني فأنا أصلي على جنابة ؛ لأنني أستحي كثرة الغسل أمام الأهل ، كذلك أؤخر صلاة الصبح بعد شروق الشمس ، ولكن قلبي دائما لله ، أدعوه كثيرا ، لا أستطيع أن أتخيل نفسي عريسا لأي امرأة كانت ، كل ما يهمني أن أعيش طول العمر مع ذلك الرجل ، وأن أمارس الحرام معه ، فالفكرة الوحيدة التي تشغلني طول الوقت هي أن أعترف له بمشاعري الشاذة ، مع أنني أستبعد أن يكون هناك حل . إلا أنني أتمنى أن تجدوا لي حلا يريحني طول العمر ، وأعيش حياتي كباقي الناس .

ملخص الجواب

والخلاصة : أن علاج التعلق الشاذ المحرم بالانقطاع التام عن الاختلاط بالمتعلق به أو النظر إلى صوره ، وبالزواج رغم وساوس الشيطان بعدم نجاحه ، وأخيرا مراجعة الطبيب المعالج المختص. والله أعلم .

الجواب

الحمد لله.


نرجو من السائل الكريم أن يقدر علاج مشكلته القدر الطبيعي ، وألا يحاول تيئيس نفسه من بلوغه إلى أن يبلغ به الإحباط والتراجع ، ويفتح الباب واسعا للوقوع في الموبقات لا قدر الله .

وأول العلاج أن يقتنع بيسره وسهولته ، وأن غاية ما يحتاج إليه إرادة وعزيمة لتجاوز هذه الأزمة المعيبة ، وإدراك أنها لن تجر عليك سوى الهلاك والعار في الدنيا ، والعذاب في الآخرة .
وقد قرر أطباء النفس قديما وحديثا أن المشكلات النفسية التي تبقى في دائرة التمني والخيال ، ولا ينجر صاحبها إلى التحقيق والعمل ، تبقى في دائرة العلاج السهلة والميسورة ، وفي الوقت نفسه لا يجوز إهمالها والاستخفاف بها حتى تتطور إلى أمراض مزمنة ، فعلاج المشكلة في بدايتها أسهل منه إذا استحكمت .

تذكر دائما في حلك وترحالك ، في صحتك وسقمك ، وفي شغلك وفراغك ، أنك راحل إلى الله سبحانه إن عاجلا أو آجلا ، وأنك إن واصلت هذا الطريق فلن تنال سعادتك الموهومة ؛ لأنها ليست بسعادة أصلا ، وإنما هي أوهام وتمثلات من النفس الأمارة بالسوء ، ومن الشيطان الرجيم، يدعوك لترك الزواج المباح من المرأة الجميلة العفيفة الصالحة التي هي خير متاع الدنيا ، والتي يتفق بنو البشر من بداية التاريخ إلى نهايته أنها خير متاع الدنيا ، ولكنك تصر على العدول عن ذلك إلى تعلق شاذ برجل مثلك !!
السعيد السليم هو الذي يدفع الأفكار السيئة عن قلبه ، فلا يتركها تستقر لحظة واحدة ، بل ينصرف عنها بالأفكار النافعة ، والأعمال الصالحة ، والانشغالات المباحة ، وهذا جهد يحتاج إلى دربة وممارسة ، فلا تيأس ، فإن تعويد النفس على الأفكار والتخيلات السليمة والطيبة يحتاج بعض الوقت .
وقد أرشدت الشريعة الكريمة إلى أبواب من العلاج الوقائي ، وذلك حين حرمت النظر المحرم بشهوة ، فقال ابن قيم الجوزية رحمه الله : " جعل الله العين مرآة القلب ، فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته وإرادته ، وإذا أطلق بصره أطلق القلب شهوته " .
انتهى من " روضة المحبين " (130) .
وفي سؤالك ما يدل على تساهلك في هذه المعصية ، نظر الشهوة والفتنة سواء إلى بني جنسك أم إلى الجنس الآخر ، الأمر الذي يؤدي لا محالة إلى استمرار التعلق المحرم ، فكثير من التخيلات الفاسدة إنما يكون سببها النظر إلى ممارسات الفاسدين ، من الذين اتخذوا الشهوات غاية وهدفا وإلها ، فما تركوا جحر شهوة إلا دخلوه ، وأغروا بذلك من يتابعهم عبر الفضائيات والأفلام وغيرها، فيعلق في ذهنه كثير من تصرفاتهم الفاحشة ويكون هو الضحية .
كما أن ممارسة العادة السرية تفتح باب التخيلات الفاسدة ، وتستجلبها بقوة تستنفد طاقة كبيرة من الإنسان ، فلا بد أن تغلق أبواب الشرور هذه ، واستعن بمراجعة سؤال رقم:(329) .
ونحن نذكرك هنا أن الزواج علاج حاسم ، إذ يتيح لك الممارسة الجنسية الطبيعية ، والتي تخلصك من كثير من التصورات الفاسدة ولو بعد حين ، فلا تؤجله بدعوى تعلقك الشاذ المحرم ، بل اقتحم أبوابه ، واجتهد في إنجاحه ، وستجد نفسك بإذن الله بدأت في طريق العلاج .
يقول ابن الجوزي رحمه الله :
" تأملت في فوائد النكاح ومعانيه وموضوعه ، فرأيت أن الأصل الأكبر في وضعه وجود النسل ، ثم رأيت هذا المقصود الأصلي يتبعه شيء آخر ، وهو استفراغ هذا الماء الذي يؤذي دوام احتقانه ، فإنه إذا وقع به احتباسه أوجب أمراضا وجدد أفكارا رديئة ، وجلب العشق والوسوسة إلى غير ذلك من الآفات " انتهى من " صيد الخاطر " (ص34) .
ونظنك قد قطعت بداية في العلاج حين حافظت على صلاتك ، ولكن كل صلاة تؤديها على جنابة باطلة آثمة ، يجب عليك إعادتها والتوبة من إثمها ، انظر : (93321) .
ولهذا فأنت تحتاج إلى تقوية معنى الصلاة في نفسك ، فهي تعني التذلل والتعبد لله سبحانه وحده ، وليس لأحد سواه من الخلق ، وهي نجاتك من فساد النفس الذي تحاربه بطهارة الصلة بالله عز وجل ؛ فالنفس تتحرك فيها التخيلات بمقتضى طبيعتها ، فإذا لم يملأها الإنسان بحب الله ، ملأها الشيطان بحب الشهوات
يقول الإمام الشافعي رحمه الله : " ونفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل " .
والنصيحة الأخيرة لك أن تراجع الطبيب النفسي ، ولا تتردد في ذلك ، فستجد عنده ما ليس عند غيره من العلاج ، وتأكد أن مشكلتك ليست متعذرة الحل ، ولا هي بالدرجة التي تستحي من ذكرها عند الطبيب ، فإن قصرت في هذا الجانب فأنت المسؤول عن نفسك أمام الله سبحانه .
نسأل الله لك طهارة القلب ونقاء النفس .
وننصحك بالاستعانة بمجموعة كبيرة من الفتاوى في موقعنا ، فيها الكثير من الأفكار المعينة على تجاوز هذه الفواحش ، وهذه أرقامها : (7491) ، (20068)، (101169) ، (166525) ، (200216) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب