الحمد لله.
الحواريون : أصحاب المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام وأنصاره ، وهي فئة مؤمنة ، ذكرهم الله في كتابه وأثنى عليهم ووصفهم بالإسلام والإيمان .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَأَمَّا الْحَوَارِيُّونَ ، فَإِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - ذَكَرَهُمْ فِي الْقُرْآنِ وَوَصَفَهُمْ بِالْإِسْلَامِ وَاتِّبَاعِ الرَّسُولِ وَبِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ ; كَمَا أَنْزَلَ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: ( فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) آل عمران/ 52 - 53 ، وَقَالَ - تَعَالَى -: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ) المائدة/ 111] ، وَقَالَ - تَعَالَى -: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) الصف/ 14.
وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ أَرْسَلَهُمُ الْبَتَّةَ ، بَلْ ذَكَرَ أَنَّهُ أَلْهَمَهُمُ الْإِيمَانَ بِهِ وَبِرَسُولِهِ ، وَأَنَّهُمْ أُمِرُوا بِاتِّبَاعِ رَسُولِهِ " انتهى من " الجواب الصحيح " (2/ 348-349) .
أما قوله تعالى في الآية التي بعد الدعاء الذي ذكرته مباشرة : ( وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) آل عمران/ 54 : فالمقصود بذلك : كفار بني إسرائيل الذين مكروا بالمسيح عليه السلام وأرادوا قتله ، فرد الله كيدهم في نحورهم ، ونجى نبيه ، وليس المقصود بهم الحواريين .
قال الطبري رحمه الله :
" (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ): يعني بذلك جل ثناؤه: ومكر الذين كفروا من بني إسرائيل، وهم الذين ذكر الله أنّ عيسى أحسّ منهم الكفر.
وكان مكرهم الذي وصفهم الله به، مُواطأة بعضهم بعضًا على الفتك بعيسى وقَتْله " .
انتهى من "تفسير الطبري" (6/ 453) .
وقال السعدي رحمه الله :
" فلما قاموا - يعني الحواريين - مع عيسى بنصر دين الله وإقامة شرعه آمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة ، فاقتتلت الطائفتان فأيد الله الذين آمنوا بنصره على عدوهم فأصبحوا ظاهرين ، فلهذا قال تعالى هنا (ومكروا) أي: الكفار بإرادة قتل نبي الله وإطفاء نوره (ومكر الله) بهم جزاء لهم على مكرهم (والله خير الماكرين) رد الله كيدهم في نحورهم، فانقلبوا خاسرين " انتهى من " تفسير السعدي" (ص 132) .
وعليه : فقوله تعالى : (رَبّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْت وَاتَّبَعْنَا الرَّسُول فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) من قول طائفة مؤمنة ، ناصرة لله ولرسوله ، هم خيار أهل الإيمان في زمانهم ، وليس من قول قوم كافرين أو منافقين ، ولا نعلم لذلك القول الذي ذكرته فيهم أصلا ، ولا وجها مقبولا ، ولا نعلم أنه قال به أحد من أهل العلم.
فالحاصل : أن هذا الدعاء ممدوح ، حسن المعنى ، لا حرج على من دعا به .
انظر للاستزادة جواب السؤال رقم : (137241) ، (181943) .
والله تعالى أعلم .
تعليق