الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

الأفضل أن يقتصر الشخص على ركعتين ينوي بهما راتبة الفجر وتحية المسجد

226175

تاريخ النشر : 01-03-2015

المشاهدات : 43167

السؤال


حول الفتوى رقم : (223721) ، ذكرتم أنه يتعدد الأجر بتعدد النية في العمل الواحد ، فهل من يدخل المسجد ويصلي ركعتين ينويهما سنة التحية وسنة الفجر يساوي في الأجر من يصلي ركعتي سنة التحية وركعتي سنة الفجر كل على حدة ؟

ملخص الجواب

والحاصل : أن كثرة العمل أفضل وأكثر أجراً من جهة الأصل ، لكن إذا كان في المسألة نص أو سنة ثابتة ، فالاقتصار على الوارد أفضل وأكثر أجراً بهذا الاعتبار . وعليه : فيقتصر الداخل للمسجد بعد أذان الفجر على ركعتين فقط ، ينوي بهما سنة الفجر وتحية المسجد . قال الزركشي رحمه الله : " الْعَمَلُ كُلَّمَا كَثُرَ وَشَقَّ ، كَانَ أَفْضَلُ مِمَّا لَيْسَ كَذَلِكَ ، وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا : ( أَجْرُك عَلَى قَدْرِ نَصَبِك ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ . وَقَدْ يَفْضُلُ الْعَمَلُ الْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ فِي صُوَرٍ : منها : الْقَصْرُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِتْمَامِ . ومنها : الصَّلَاةُ مَرَّةً فِي الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهَا وَحْدَهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً . ومنها : تَخْفِيفُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِهِمَا . ومنها : قِرَاءَةُ سُورَةٍ ( قَصِيرَةٍ فِي الصَّلَاةِ ) أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ بَعْضِ سُورَةٍ ، وَإِنْ طَالَتْ ؛ لأَنَّهُ الْمَعْهُودُ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَالِبًا " . انتهى بتصرف واختصار من " المنثور في القواعد الفقهية " (2/413-416) . والله أعلم .

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
الأصل أنه كلما كان العمل أكثر وأشق ، كان الأجر أعظم ، والثواب أكثر .
قال النووي رحمه الله : " قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَلَكِنَّهَا عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ أَوْ قَالَ نَفَقَتِكِ ) ، هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الثَّوَابَ وَالْفَضْلَ فِي الْعِبَادَةِ : يَكْثُرُ بِكَثْرَةِ النَّصَبِ وَالنَّفَقَةِ ، وَالْمُرَادُ : النَّصَبُ الَّذِي لَا يَذُمُّهُ الشَّرْعُ " انتهى .
وقال السيوطي رحمه الله : " الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَة عَشْرَة : مَا كَانَ أَكْثَرَ فِعْلًا كَانَ أَكْثَرَ فَضْلًا ؛ أَصْلُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها : ( أَجْرُكِ عَلَى قَدْرِ نَصَبِكِ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَمِنْ ثَمَّ كَانَ فَصْلُ الْوِتْرِ أَفْضَلَ مِنْ وَصْلِهِ ; لِزِيَادَةِ النِّيَّةِ ، وَالتَّكْبِيرِ ، وَالسَّلَامِ .
وَصَلَاةُ النَّفْلِ قَاعِدًا : عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِم ، وَمُضْطَجِعًا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْقَاعِدِ .
وَإِفْرَادُ النُّسُكَيْنِ [الحج والعمرة] : أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَانِ " انتهى من " الأشباه والنظائر " (ص/143) .

ثانياً :
التطوع بعد أذان الفجر وقبل صلاة الفريضة ، جائز على الراجح من أقوال أهل العلم رحمهم الله ، لكنه غير مشروع ، وقد سبق في جواب السؤال رقم : (136695) ذكر خلاف أهل العلم في المسألة وبيان الراجح فيها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فَمَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إنَّمَا سَنَّ لِلْمُسْلِمِينَ السُّنَّةَ الرَّاتِبَةَ وَفَرْضُهَا الْفَجْرُ ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ لَمْ يُسَنَّ ، وَلَمْ يَكُنْ مَنْهِيًّا عَنْهُ إذَا لَمْ يَتَّخِذْ سُنَّةً كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: ( بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ شَاءَ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً ).
فَهَذَا فِيهِ إبَاحَةُ الصَّلَاةِ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ أَذَانَيْ الْمَغْرِبِ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرَاهُمْ وَيُقِرُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ ، فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ بَيْنَ أَذَانَيْ الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ كَذَلِكَ بَيْنَ أَذَانَيْ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ.
لَكِنْ بَيْنَ أَذَانَيْ الْفَجْرِ الرَّكْعَتَانِ سُنَّةٌ بِلَا رَيْبٍ ، وَمَا سِوَاهَا يُفْعَلُ وَلَا يُتَّخَذُ سُنَّةً ، فَلَا يُدَاوِمُ عَلَيْهِ وَيُؤْمَرُ بِهِ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ " انتهى من " مجموع الفتاوى" (23/204).
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
ما حكم من دخل المسجد بعد طلوع الفجر ، هل يصلي سنة تحية المسجد أو يكتفي في سنة الفجر ؟
فأجاب : "الأفضل يكتفي بسنة الفجر ، وتكون مقام التحية ، كما أن الفريضة تقوم مقام التحية؛ لو جاء وقد أقيمت الصلاة : صلى معهم ، وصارت الفريضة قائمة مقام تحية المسجد ، فالمشروع أنه لا يجلس إلا بعد صلاة ، فإذا صلى سنة الفجر كفت ، وإن جاء وهي تقام الصلاة : كفته الفريضة عن تحية المسجد ، فإن صلاهما ، صلى تحية ، ثم سنة الفجر ، فلا حرج ، ولكن تركها أولى ، الأولى والأفضل أنه يصلي سنة الفجر الراتبة ويكتفي بها عن صلاة التحية ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم : كان يصلي بعد الفجر ركعتين فقط ، ما كان يزيد عن ركعتين بعد طلوع الفجر ، وهي سنة الفجر ، فالأفضل ألا نزيد على الركعتين ، فإذا صليناهما بقصد سنة الفجر : كفت عن تحية المسجد ، لكن لو صلى الراتبة في بيته ، صلى سنة الفجر مثلا في بيته ، ثم جاء إلى المسجد قبل أن تقام الصلاة : فإنه يصلي تحية المسجد حينئذ قبل أن يجلس " .
انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (10/345).

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب