الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

متى تعدّ المادة الموضوعة على الجسم حائلا يمنع وصول ماء الوضوء إلى البشرة ؟

السؤال

أريد أن أعرف كيف أفرق بين المكياج الذي يمنع وصول ماء الوضوء للبشرة والآخر الذي لا يمنع ؟ أنا أعرف أن الذي له قشرة كطلاء الأظافر مثلا يمنع الوضوء ، ولكن توجد مستحضرات تجميل ليس لها قشرة ، ولكنها دهنية إلى حد كبير ؛ مثل أحمر الشفاه ، وكريم الأساس ، فهل تمنع وصول ماء الوضوء للبشرة ؟ وهل كل ما هو water proof ، أي ضد الماء ـ وهذه الأنواع لا تزال بالمياه فقط إلا بصعوبة ـ يمنع وصول ماء الوضوء كما قرأت على بعض المنتديات ؟ وهل المستحضرات البودرة لا تمنع الوضوء ؛ مثل بودرة الخدود ، والأيشادو البودرة ؟ وهل توجد طريقة عملية أستطيع أن أميز بها بين النوعين ؟

ملخص الجواب

أن المواد التي تمنع وصول الماء إلى البشرة هي المواد التي لها جرم ، وتكون مضادة للماء ، فلا تتحلل ، ولا تزول بمرور الماء عليها .

الجواب

الحمد لله.

أولا :
يجب أن يصل الماء إلى جميع أجزاء عضو الوضوء ؛ ومما يدل على ذلك من السنة النبوية :
عَنْ خَالِدِ بنِ معدان : " عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلّي وَفِي ظَهْرِ قَدَمِهِ لُمْعَةٌ قَدْرُ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ " رواه أبو داود (175) وصححه الألباني في " إرواء الغليل " (1 / 127) .

وقد اتفقت المذاهب الفقهية الأربعة على أنه يشترط لصحة الوضوء إزالة ما يمنع وصول الماء إلى الأعضاء .
ينظر : "الموسوعة الفقهية" (43/329) .

ثانيا :
تعيين المواد التي تمنع وصول الماء إلى البشرة مرجعه إلى الواقع ، وقد تأمل أهل العلم ذلك ، وخلصوا إلى أن المواد على نوعين :
النوع الأول : المواد التي لها " جِرم " : أي تبقى على شكل طبقة ، فعندما توضع على الجسم تبقى قائمة بنفسها متماسكة الأجزاء ، ويمكن إزالتها بتقشير أو مسح .
ومن أمثلة ذلك : المواد الشمعية والطلاء .
فهذه المواد التي لها جرم :
- إما أن تكون غير مقاومة للماء ، كمثل بعض المكياج والبودرة ، فهذه يكفي المتوضئة أن تدلك البشرة جيدا حتى يغلب على ظنها وصول الماء إليها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وأما دلك البدن في الغسل ودلك أعضاء الوضوء فيه : فيجب إذا لم يعلم وصول الطَّهور [أي : الماء] إلى محله بدونه ، مثل باطن الشعور الكثيفة ، وإن وصل الطهور بدونها فهو مستحب...
ولأن بالتدليك يحصل الإنقاء ، ويتيقن التعميم الواجب ، فشرع ، كتخليل الأصابع في الوضوء " انتهى من " شرح عمدة الفقه " (1 / 367 – 368) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
" الواجب في الوضوء والغسل : أن يُمِرَّ الماء على جميع العضو المطلوب تطهيره ، وأما دلكه فإنه ليس بواجب ، لكن قد يتأكد الدلك إذا دعت الحاجة إليه ، كما لو كان الماء بارداً جداً ، أو كان على العضو أثر زيت ، أو دهن ، أو ما أشبه ذلك ، فحينئذٍ يتأكد الدلك ؛ ليتيقن الإنسان من وصول الماء إلى جميع العضو الذي يراد تطهيره " .
انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (3 / 94) .
- وإما أن تكون هذه المواد مقاومة للماء : كما هو حال بعض المكياج ، فهذه يجب ازالتها قبل الوضوء ليتحقق وصول الماء إلى البشرة أثناء الوضوء .
قال النووي رحمه الله تعالى :
" قال أصحابنا : فلو أذاب في شقوق رجليه شحما أو شمعا أو عجينا أو خضبهما بحناء وبقي جرمه لزمه إزالة عينه لأنه يمنع وصول الماء إلى البشرة " انتهى من " المجموع " (1 / 426).
النوع الثاني : المواد التي " لا جِرم لها " : أي لا تشكل طبقة ، وإنما بمجرد وقوعها أو وضعها على الجسم تفقد تماسكها وتنحل ، وتتشربها البشرة ، ولا يبقى لها جسم قائم بذاته ، وإنما يبقى أثرها كاللون مثلا .
مثل غالب الكريمات والزيوت وأثر الكحل والحناء ونحو هذا ، فوجود هذه المواد لا يبطل الوضوء ، لكن إذا كانت المادة دهنية أو زيتية فعلى المتطهر أن يحسن دلك البشرة ليغلب على ظنه وصول الماء إليها .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
" أما إذا كان الدهن ليس له جرم ، وإنما أثره باقٍ على أعضاء الطهارة ، فإنه لا يضر ، ولكن في هذه الحالة يتأكد أن يمر الإنسان يده على الوضوء لأن العادة أن الدهن يتمايز معه الماء ، فربما لا يصيب جميع العضو الذي يطهره " .
انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (11 / 147) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب