الحمد لله.
قول المفتي بعد فتواه أو الشيخ في درسه أو الراوي بعد روايته : " والله أعلم " لا بأس به ، وهو من التأدب مع الله تعالى علام الغيوب .
فالمفتي قد يفتي بحق ، والشارح قد يشرح على الصواب ، والراوي قد يروي بدقة ، ولا يمنع شيء من ذلك أن يقول : " الله أعلم " لأن المفتي قد يفوته ذكر الدليل ، أو رفع الاشتباه ، أو كشف الغموض ، فلا تكون فتواه - وإن كانت صحيحة في الجملة - على الوجه الأكمل .
والشارح قد يغيب عنه شرح بعض الكلمات ، أو لا يتم الشرح على الوجه الذي تزول به الشبهة وتقوم به الحجة على المخالف ، وإن كان في الجملة شرحا صحيحا .
والراوي قد ينسى كلمة من الحديث ، أو يروي الحديث بالمعنى ، أو يعتمد على روايةٍ غيرها أرجح منها سندا ومتنا ، أو ينقص من الحديث نقصا لا يخل بالمعنى ، ولكن لا يأتي به على التمام ، فلذلك - وغيره - يقول : " الله أعلم " .
قال النووي رحمه الله في " مقدمة المجموع " (1/84) وقد ذكر فيها جملة من آداب الفتوى :
"قال الصَّيْمَري [هو أبو القاسم ، أحد علماء الشافعية الكبار ، توفي سنة 405هـ] : ولا يدع ختم جوابه بقوله : (وبالله التوفيق) ، أو: (والله أعلم) ، أو: (والله الموفق) " انتهى .
وليس في ذلك تشكيك في الحديث أو الحكم الذي ذكره المفتي ، بل حتى لو كان العالم مصيبا في حكمه ، وفي إيراده الحديث ، فإنه ما من عالم إلا والله تعالى أعلم منه ، قال الله تعالى : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) يوسف/76 .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : " يكون هذا أعلم من هذا ، وهذا أعلم من هذا ، والله فوق كل عالم " انتهى من " تفسير ابن كثير " (4/402) .
وقال عكرمة : " علم الله فوق كل أحد " انتهى من " تفسير الطبري "(3/269) .
قال الشيخ عبد المحسن العباد
حفظه الله :
" إذا كان عنده علم وقال: (الله أعلم) ، فقد قال كلمة صحيحة ، فقوله : (الله أعلم)
هو جواب صحيح ؛ لأنه وإن كان عنده علم ، فالله أعلم " .
انتهى مختصرا من" شرح سنن أبي داود" (4 /364) بترقيم الشاملة .
والله تعالى أعلم .
تعليق