الحمد لله.
لم يأت دليل يبين لون بشرة أبينا آدم عليه السلام ، وإن كان بعض أهل العلم قد قال : إن اسمه مشتق من صفة الأُدْمة ، وهي السواد .
لكن لا دليل على هذا القول ؛ لاحتمال أن يكون إنما سمي به لا لأجل اللون ، ولكن لأنه خلق من أديم الأرض .
قال ابن الجوزي رحمه الله :
" في تسمية آدم قولان : أحدهما : لأنه خلق من أديم الارض . قاله ابن عباس وابن جبير والزجاج .
والثاني : أنه من الأُدمة في اللون . قاله الضحاك والنضر بن شميل وقطرب " انتهى من " زاد المسير " (1/62) .
ورجح القرطبي رحمه الله أنه مشتق من أديم الأرض .
فقال رحمه الله :
" واختلف في اشتقاقه، فقيل: هو مشتق من أَدَمة الارضِ ، وأَدِيمِها ، وهو وجهها،
فسمى بما خلق منه . قاله ابن عباس .
وقيل: إنه مشتق من الأُدمة ، وهي السُّمْرة.
واختلفوا في الأُدمة، فزعم الضحاك أنها السُّمْرة .
وزعم النضر أنها البياض، وأن آدم عليه السلام كان أبيض، مأخوذ من قولهم: ناقة
أدماء، إذا كانت بيضاء...
قلت: الصحيح أنه مشتق من أديم الارض.
قال سعيد بن جبير: إنما سمي آدم ، لأنه خلق من أديم الارض، وإنما سمي إنسانا لأنه
نسي، ذكره ابن سعد في الطبقات " انتهى من " تفسير القرطبي " (1/417) .
واقتصر الطبري رحمه الله على هذا القول ، ولم يذكر غيره ، فقال :
" سمي آدم ؛ لأنه خلق من أديم الأرض " .
ثم ساق الآثار في ذلك ، ينظر " تفسير الطبري " (1/480) .
وسواء كان ذا بشرة سمراء أو بيضاء ؛ فلا ضير في ذلك ، وقد وصف غيره بالسمرة ،
كما جاء في الأحاديث الصحيحة عن موسى عليه السلام .
فقد أخرج البخاري (3438) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال ( رأيت عيسى وموسى وإبراهيم ، فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر ، وأما موسى
فآدم جسيم سبط كأنه من رجال الزط ) .
و" رجال الزط " : صنف من السودان .
قال ابن حجر : "ووقع في حديث ابن عمر عند المصنف بعد " كأنه من رجال الزط " وهم
معروفون بالطول والأدمة " انتهى من "فتح الباري" (10/189) .
ومثل هذا لا يترتب عليه شيء من عمل ، وليس في البحث عنه كبير فائدة .
والله أعلم .
تعليق