الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

حكم عروض الاسترداد النقدي في بطاقة الائتمان

السؤال

هل يجوز الاستفادة من عروض استرجاع النقد من بنك غير إسلامي ؟ على سبيل المثال: إن أنفق الرجل 5000 درهم من بطاقته الإئتمانية المدينة فإنه سيستعيد 50 درهما ، أو إذا أنفق الشخص بعملة أجنبية فإنه سيستعيد نسبة من هذه المصروفات .

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يشترط لجواز التعامل ببطاقة الائتمان غير المغطاة خلوها من المحاذير التالية:

1 - أخذ رسوم على إصدارها أو تجديدها أو السحب بها، زائدة على التكاليف الفعلية التي يتحملها البنك في هذا السبيل.

وذلك أن السحب بهذه البطاقات قرض من مصدرها، واشتراط زيادة على القرض: ربا.

2 - ألا تشتمل على شرط غرامة التأخير، كما هو الحال في أكثر البطاقات الصادرة من البنوك الربوية، فلا يجوز التعامل بالبطاقة حينئذ ولو كان العميل عازما على السداد.

وينظر: جواب السؤال رقم (97530).

ثانيا:

إذا كانت البطاقة مباحة-وفق ما سبق- فلا حرج من الاستفادة من عرض "الاسترداد النقدي" ؛ لأن الراجح جواز الاتفاق على سداد القرض بأنقص مما أخذ، وهو وجه للشافعية، وقول للحنابلة، لأنه منفعة محضة للمقترض، فهو عكس الربا، ولأن القرض عقد إرفاق، فزيادة الإرفاق فيه لا تحرم.

قال الشيخ الدبيان في موسوعة "المعاملات المالية" (18/ 289- 295):

"  اشتراط الوفاء بأنقص...

إذا رد المقترض أقل مما أخذ من غير شرط، ورضي المقرض، فإن ذلك صحيح بلا خلاف بين العلماء، بل هو من الإحسان والإرفاق المأجور عليه.

كما يحرم على المقترض أن يماطل بالسداد، ويدعي العجز عن الوفاء حتى يتنازل له عن مقدار من الدين، فإن هذا من أكل أموال الناس بالباطل.

أما إذا اشترط المقترض عند القرض أن يكون الوفاء بأقل مما أقترضه، وكان ذلك برضا واختيار المقرض، فقد اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال:

القول الأول:

إذا اشترط أن يرد أنقص مما أخذ قدرًا أو صفة، فالشرط فاسد، وهل يفسد العقد فيه وجهان:

أحدهما: لا يفسد، وهو الأصح في مذهب الشافعية، والمشهور من مذهب الحنابلة .

والثاني: يفسد العقد، وهو وجه في مذهب الشافعية، واختيار ابن حزم".

إلى أن قال:

" القول الثاني:

يصح القرض والشرط، وهو وجه في مذهب الشافعية، وقول في مقابل الصحيح عند الحنابلة.

وجه القول بالصحة:

الوجه الأول:

أن الأصل في الشروط الصحة والجواز، ولا يحرم منها شيء إلا بدليل، ولا دليل على تحريم مثل هذا الشرط.

الوجه الثاني:

أن القرض جعل للرفق بالمستقرض، وشرط النقصان لا يخرجه عن موضوعه ؛ بخلاف الزيادة.

الوجه الثالث:

أن هذا نقيض الربا، فلا يمكن أن يكون ممنوعًا، ذلك أن الربا يقوم على استغلال حاجة الإنسان إلى المال، فيقرضه ، ويشترط عليه أن يرد عليه أكثر مما أخذه، بينما هذا يقضي حاجته، وقد قبل أن يبرئه عن مقدار معين مما أخذه، وهذا لا يجعله حرامًا ، ولو كان بالشرط.

القول الثالث:

أن المال المقرض إن كان يجري فيه الربا : فلا يجوز اشتراط الوفاء بأنقص، وإلا صح الشرط، اختاره بعض الحنابلة.

وجه هذا القول:

أن المال إذا كان يجري فيه الربا ، فشرط مبادلته بمثله : وجوب المماثلة، فإذا شرط أن يرد عليه أنقص ، أدى ذلك إلى فوات المماثلة الواجبة.

جاء في المغني: "وإن شرط في القرض أن يوفيه أنقص مما أقرضه، وكان ذلك مما يجري فيه الربا : لم يجز؛ لإفضائه إلى فوات المماثلة فيما هي شرط فيه".

ويناقش:

بأن وجوب المماثلة والقبض : يجريان في عقود المعاوضة ، كالبيع، ولا يجريان في عقد القرض؛ لأنه من عقود التبرع، ولذلك لما لم يجب القبض ، مع أن الأموال ربوية ؛ لم يجب التماثل، والله أعلم.

الراجح:

أرى أن القول بالجواز هو الصحيح، وأن القول بالمنع مطلقًا ، أو بما لا يجري فيه الربا : قول لا حجة له، والله أعلم" انتهى.

وعليه : فإذا كانت البطاقة مشروعة، فلا حرج من الاستفادة من هذا العرض، سواء كانت البطاقة من بنك إسلامي أو غيره.

وإذا كانت البطاقة غير مشروعة : لم يجز التعامل بها مطلقا.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: اللقاء الشهري 17