الحمد لله.
أولا:
إذا كتب الرجل أملاكا باسم أولاده، أو بعض ورثته، ففيه تفصيل:
1-فإن ملّك العقارات لهم، ورفع يده عنها، وأصبحوا يتصرفون فيها تصرف الملاك، فهذه هبة صحيحة نافذة. ولا تدخل في التركة، وإنما يقسم ما بقي على اسمه فقط.
وسوف يأتي في آخر الجواب ، بيان حكم هذه العطية ، إذا لم يكن قد عدل فيها ، بين أبنائه .
2-وإن ظلت الأملاك تحت يده، ولم يطلق لهم التصرف، ثم مات، فالأملاك والعقارات باقية على ملكه، وتقسم على ورثته ، مع سائر أمواله ، القسمة الشرعية ، وتعطى أمه نصيبها وهو السدس . وذلك أن الواهب إذا مات قبل قبض الهبة بطلت.
قال ابن قدامة رحمه الله: " وإذا مات الواهب ، أو الموهوب له ، قبل القبض : بطلت الهبة ، سواء كان قبل الإذن في القبض ، أو بعده. ذكره القاضي في موت الواهب ; لأنه عقد جائز فبطل بموت أحد المتعاقدين , كالوكالة والشركة.
وقال أحمد , في رواية أبي طالب , وأبي الحارث , في رجل أهدى هدية ، فلم تصل إلى المهدى إليه حتى مات ; فإنها تعود إلى صاحبها ما لم يقبضها.
وروي بإسناده ، عن أم كلثوم بنت أبي سلمة , قالت: لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة , قال لها: إني قد أهديت إلى النجاشي حلة وأواقي مسك , ولا أرى النجاشي إلا قد مات ، ولا أرى هديتي إلا مردودة علي , فإن ردت ، فهي لك. قالت: فكان ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وردت عليه هديته , فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية من مسك , وأعطى أم سلمة بقية المسك والحلة) انتهى من "المغني" (5/ 381).
وينظر: الموسوعة الفقهية (39/ 306)، الشرح الممتع (11/ 70).
والظاهر مما جاء في السؤال عن الوصية الشفهية، يقوي الاحتمال الثاني، وأن الأب أراد أن تقسم الأملاك بعد موته على الورثة، إلا ما كتبه باسم إحدى ابنتيه.
وأما هذه الوصية، فهي وصية لوارث، وهي محرمة، ولا تنفذ إلا بموافقة الورثة، فمن وافق عليها نفذت في حقه؛ لما روى أبو داود (2870) والترمذي (2120) والنسائي (4641) وابن ماجه (2713) عن أَبي أُمَامَةَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
ورواه الدارقطني من حديث ابن عباس بلفظ: (لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة) وحسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام.
ثانيا:
على فرض أن الأبناء قد حازوا هباتهم، وخرجت من التركة، فإن نصيب الأب الباقي على اسمه يوزع على جميع الورثة ، لا يحرم منه أحد، لا ابنته ، ولا أمه.
وعلى فرض أن إحدى البنتين : كانت قد أخذت أكثر من غيرها، فهذه هبة جائرة ويلزم تعديلها، فيؤخذ منها المال الذي فضلت به ، ويضاف إلى التركة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"يجب على الرجل أن يسوي بين أولاده في العطية ، ولا يجوز أن يفضل بعضا على بعض ، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك حيث نهى عن الجور في التفضيل ، وأمر برده.
فإن فعل ومات قبل العدل كان الواجب على من فضل أن يتبع العدل بين إخوته؛ فيقتسمون جميع المال - الأول والآخر - على كتاب الله تعالى للذكر مثل حظ الأنثيين) انتهى من مجموع الفتاوى (31/ 297).
وينظر جواب السؤال رقم (114659) ورقم (121763) ورقم (225739).
والله أعلم.
تعليق