الحمد لله.
هذا الكلام لا يعرف في كتب أهل السنة المشهورة ، وإنما يذكره من يذكره من أولئك الشيعة الروافض في كتبهم .
فانظر: "بحار الأنوار" (1/226) ، "مستدرك سفينة البحار" (7/504) ، "عيون أخبار" (2 / 276)
وهم لا يتورعون عن الكذب على الله ورسله وأوليائه ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" مَنْ جَرَّبَ الرَّافِضَةَ فِي كِتَابِهِمْ وَخِطَابِهِمْ ، عَلِمَ أَنَّهُمْ مِنْ أَكْذَبِ خَلْقِ اللَّهِ، فَكَيْفَ يَثِقُ الْقَلْبُ بِنَقْلِ مَنْ كَثُرَ مِنْهُمُ الْكَذِبُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ صِدْقَ النَّاقِلِ؟ وَقَدْ تَعَدَّى شَرُّهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ، حَتَّى كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَتَوَقَّوْنَ أَحَادِيثَهُمْ ".
إلى أن قال :
" فَالرَّافِضَةُ أَكْذَبُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ ، بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِأَحْوَالِ الرِّجَالِ " .
انتهى من "منهاج السنة النبوية" (2/ 467 -468) .
وقد ورد كثير من هذا الكلام في حديث طويل، رواه الطبراني في "المعجم الأوسط " (6908)، ومن طريقه الخطيب في "الجامع" (44) من طريق زَكَرِيَّا بْن يَحْيَى الْوَقَّار قَالَ: قُرِئَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالَ الثَّوْرِيُّ: قَالَ مُجَالِدٌ: قَالَ أَبُو الْوَدَّاكِ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
قَالَ أَخِي مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ:
يَا رَبِّ أَرِنِي الَّذِي كُنْتَ أَرَيْتَنِي فِي السَّفِينَةِ ؟
فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: يَا مُوسَى، إِنَّكَ سَتَرَاهُ .
فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى أَتَاهُ الْخَضِرُ، وَهُوَ طَيِّبُ الرِّيحِ، حُسْنُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ، إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ.
قَالَ مُوسَى: هُوَ السَّلَامُ، وَمِنْهُ السَّلَامُ، وَإِلَيْهِ السَّلَامُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الَّذِي لَا أُحْصِي نِعَمَهُ، وَلَا أَقْدِرُ عَلَى شُكْرِهِ إِلَّا بِمَعُونَتِهِ.
ثُمَّ قَالَ مُوسَى: أُرِيدُ أَنْ تُوصِينِي بِوَصِيَّةٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا بَعْدَكَ ؟
فَقَالَ الْخَضِرُ: يَا طَالِبَ الْعِلْمِ، إِنَّ الْقَائِلَ أَقَلُّ مَلَالَةً مِنَ الْمُسْتَمِعِ، فَلَا تُمِلَّ جُلَسَاءَكَ إِذَا حَدَّثْتَهُمْ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَلْبَكَ وِعَاءٌ، فَانْظُرْ مَاذَا تَحْشُو بِهِ وِعَاءَكَ، واعْزِفْ عَنِ الدُّنْيَا، وانْبِذْهَا وَرَاءَكَ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لَكَ بِدَارٍ، وَلَا لَكَ فِيهَا مَحَلُّ قَرَارٍ، وَإِنَّهَا جُعِلَتْ بُلْغَةً لِلْعِبَادِ، ولِيَتَزَوَّدُوا مِنْهَا لِلْمَعَادِ.
وَيَا مُوسَى، وَطِّنْ نَفْسَكَ عَلَى الصَّبْرِ تُلَقَّى الْحِكَمَ، وَأَشْعِرْ قَلْبَكَ التَّقْوَى تَنَلِ الْعِلْمَ، وَرُضْ نَفْسَكَ عَلَى الصَّبْرِ تَخْلصْ مِنَ الْإِثْمِ.
يَا مُوسَى، تَفَرَّغْ لِلْعِلْمِ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُهُ، فَإِنَّمَا الْعِلْمُ لِمَنْ يَفْرَغُ لَهُ، وَلَا تَكُونَنَّ مِكْثَارًا بِالْمَنْطِقِ مهذارا، إِنَّ كَثْرَةَ الْمَنْطِقِ تَشِينُ الْعُلَمَاءَ، وَتُبْدِي مَسَاوِئَ السُّخَفَاءِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِذِي اقْتِصَادٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ التَّوْفِيقِ وَالسَّدَادِ، وَأَعْرِضْ عَنِ الْجُهَّالِ، واحْلُمْ عَنِ السُّفَهَاءِ، فَإِنَّ ذَلِكَ فَضْلُ الْحُكَمَاءِ، وزَيْنُ الْعُلَمَاءِ، إِذَا شَتَمَكَ الْجَاهِلُ فَاسْكُتْ عَنْهُ سِلْمًا، وجانِبْهُ حَزْمًا، فَإِنَّ مَا بَقِيَ مِنْ جَهِلِهِ عَلَيْكَ، وَشَتَمِهِ إِيَّاكَ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ.
يَا ابْنَ عِمْرَانَ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ مَا أُوتِيتَ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا، فَإِنَّ الِانْدِلَاثَ، وَالتَّعَسُّفَ مِنَ الِاقْتِحَامِ وَالتَّكَلُّفِ، يَا ابْنَ عِمْرَانَ، لَا تَفْتَحَنَّ بَابًا لَا تَدْرِي مَا غَلْقُهُ، وَلَا تُغْلِقَنَّ بَابًا لَا تَدْرِي مَا فَتْحُهُ ...
.
وقوله في آخره : ( الاندلاث .. ) :
قال ابن الأثير رحمه الله : " فِي حَدِيثِ مُوسَى وَالْخَضِرِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَإِنَّ الِانْدِلَاثَ والتّخطرف من الانقحام والتَّكَلُّف الِانْدِلَاثُ: التَّقَدُّم بِلَا فِكْرة وَلَا رَوِيَّة." انتهى من "النهاية" (2/129) .
والحديث في إسناده : زكريا بن يحيى ، هو أبو يحيى الوقار ، قال ابن عدى: يضع الحديث ، وكذبه صالح جزرة.
"ميزان الاعتدال" (2/ 77) .
ولذلك قال ابن أبي حاتم في "العلل" (5/ 100):
" قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ باطلٌ كذبٌ.
وذكرتُ هَذَا الحديثَ لابنِ الجُنَيد الحافظِ، فَقَالَ: هُوَ موضوعٌ " انتهى .
وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" (1/ 384)
" لَا يَصِحُّ هَذَا الْحَدِيثُ، وَأَظُنُّهُ مِنْ صَنْعَةِ زَكَرِيَّا بْنِ يحيى الوقار الْمِصْرِيِّ، كَذَّبَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ " انتهى .
والله تعالى أعلم .
تعليق