الخميس 18 جمادى الآخرة 1446 - 19 ديسمبر 2024
العربية

تحملّ أمانة وفرّط فيها، ولا يوجد عنده مال، فهل يعطى من الزكاة لأداء هذه الأمانة؟

282622

تاريخ النشر : 16-12-2017

المشاهدات : 6053

السؤال

كان زوجي مدينا لأمي بمبلغ معين ، وأرسل المبلغ عن طريق شخص وسيط ، ولكن هذا الشخص حدثت له ظروف وصرف المال ، وسلم لأمي جزءا من المال ، وبقي جزء ، وهو الآن لا يستطيع سداده فأصبح دينا عليه ، فهل يجوز أن أدفع من زكاتي لهذا الشخص الوسيط ؛ لأنه من الغارمين فأدفع دينه لأمي ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

قال الله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ) النساء (58).

فكان الواجب على هذا الشخص أن يؤدي الأمانة التي تحمّلها، ولم يكن له أن يصرفها على ما نزل به من الحاجة.

ثانيا:

قال الله تعالى: ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة (60).

والذي يظهر : أن هذا الرجل حكمه حكم من استدان في معصية ، والقاعدة في ذلك ِ: أنه إن تاب وندم على تضييعه للأمانة، وليس له من المال الزائد عن كفايته ما يقضي به الدين الذي بقي في ذمته، فهو في هذه الحال غارم يجوز إعطاؤه من مال الزكاة ما يقضي به دينه.

أما إن كان مصرا على المعصية ، ولم يظهر منه ما يدل على توبته ، فلا يعطى من الزكاة .

ومثل: من فعل ذلك جاهلا بتحريم ذلك الفعل عليه ، وتحريم أن يأخذ من الأمانة ، ولو على جهة القرض ، من غير أن يأذن صاحبها .

أو فعله متأولا ، أو ظانا أن هذا يجوز له ، ما دام أنه ضامن لأداء الأمانة التي عنده ، كما يفعله بعض العامة في مثل ذلك .

فلا حرج في إعطائه ، وقضاء دينه من زكاة المال ، إذا كان قد تاب ، أو فعل ذلك جاهلا ، أو متأولا .

والأولى أن يسلم إلى هذا الشخص المال ليدفعه بنفسه إلى صاحبة الدين .

فإن خيف أن يصرفه على حاجته لاعتياده الإسراف وانعدام حسن التصرف لديه، ففي هذه الحالة يجوز أن يدفع المال إلى صاحبة الدين مباشرة ، بنية أداء الدين عن هذا الشخص.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعال:

" وهل يجوز أن نذهب إلى الدائن، ونعطيه ماله دون علم المدين؟

الجواب: نعم يجوز؛ لأن هذا داخل في قوله تعالى: ( وَفِي الرِّقَابِ )، فهو مجرور بـ ( فِي ) و ( الْغَارِمِينَ ) عطفا على الرقاب، والمعطوف على ما جر بحرف يقدر له ذلك الحرف ، فالتقدير وفي الغارمين، و ( فِي ) لا تدل على التمليك، فيجوز أن ندفعها لمن يطلبه.

فإن قال قائل: هل الأولى أن نسلمها للغارم، ونعطيه إياها ليدفعها إلى الغريم، أو ندفعها للغريم؟

فالجواب في هذا تفصيل:

إذا كان الغارم ثقة حريصا على وفاء دينه، فالأفضل بلا شك إعطاؤه إياها ، ليتولى الدفع عن نفسه؛ حتى لا يخجل، ولا يذم أمام الناس.

وإذا كان يخشى أن يفسد هذه الدراهم فإننا لا نعطيه، بل نذهب إلى الغريم الذي يطلبه ونسدد دينه.

مسألة: من غرم في محرم هل نعطيه من الزكاة؟

الجواب: إن تاب أعطيناه، وإلا لم نعطه؛ لأن هذا إعانة على المحرم، ولذلك لو أعطيناه لاستدان مرة أخرى " انتهى، من "الشرح الممتع" (6 / 234 - 235).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب