الحمد لله.
ذكر الله في الآية الكريمة معرفة أهل الكتاب بنبينا صلى الله عليه وسلم، وهذه المعرفة أكدها ربنا تعالى بأنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم .
والحكمة في ذلك ، والله أعلم : أن الرجل يعرف من ابنه ، ومراحل حياته ، ما لا يمكنه معرفته من نفسه ؛ فإنه لا يشهد نفسه وهو حمل، وبعد الولادة إلى وقت طويل يمر ، وهو لا يعقل أمر نفسه، لكن الأمر مختلف بالنسبة للأبناء.
وعن ابن جريج، في قوله: الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ البقرة/146 ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم. قال: زعم أهل المدينة عن أهل الكتاب ممن أسلم أنهم قالوا: " والله لنحن أعرف به من أبنائنا ، من أجل الصفة والنعت الذي نجده في الكتاب، وأما أبناؤنا فلا ندري ما أحدث النساء " انتهى من "تفسير الطبري" (9/ 187).
قال القرطبي: " وخص الأبناء في المعرفة بالذكر دون الأنفس ، وإن كانت ألصق ؛ لأن الإنسان يمر عليه من زمنه برهة لا يعرف فيها نفسه، ولا يمر عليه وقت لا يعرف فيه ابنه"، انتهى من " تفسير القرطبي "(2/ 163)، وقد نقله من "المحرر الوجيز، لابن عطية" (1/ 233).
وقال ابن عاشور: "وخص الأبناء لشدة تعلق الآباء بهم ، فيكون التملي من رؤيتهم كثيرا ، فتتمكن معرفتهم [أي: تثبت معرفتهم، وترسخ] ؛ فمعرفة هذا الحق ثابتة لجميع علمائهم " انتهى من "التحرير والتنوير"(2/ 40).
والله أعلم
تعليق