الحمد لله.
أولًا :
أما أصحاب الكهف، فهم فتية وفقهم الله، وألهمهم الإيمان، وعرفوا ربهم، وأنكروا ما عليه قومهم من عبادة الأوثان، وقاموا بين أظهرهم معلنين فيما بينهم عقيدتهم . انتهى من " تيسير اللطيف المنان " (288).
وانظر جواب السؤال رقم : (127317).
ثانيًا :
ذكر كثير من العلماء أن هذا كلب الذي كان مع أصحاب الكهف، إنما كان " معهم للصيد .
قال عبيد بن عمير: " كان ذلك كلب صيدهم ".
انظر : " البسيط " للواحدي (13/ 599)، " الهداية " لمكي (6/ 4344).
قال "ابن كثير رحمه الله" : " ربض كلبهم على الباب كما جرت به عادة الكلاب.
قال ابن جريج يحرس عليهم الباب. وهذا من سجيته وطبيعته، حيث يربض ببابهم كأنه يحرسهم، وكان جلوسه خارج الباب؛ لأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب -كما ورد في الصحيح - ولا صورة ولا جنب ولا كافر، كما ورد به الحديث الحسن.
وشملت كلبَهم بركتُهم، فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال. وهذا فائدة صحبة الأخيار؛ فإنه صار لهذا الكلب ذكر وخبر وشأن.
وقد قيل: إنه كان كلب صيد لأحدهم، وهو الأشبه.
وقيل: كان كلب طباخ الملك، وقد كان وافقهم على الدين فصحبه كلبه فالله أعلم "، انتهى من " التفسير " (5/ 144).
وقال " القاسمي " في " التفسير " (7/ 13): " ووجود الكلب على هذه الحالة من العناية بهم. فكما حفظهم بالتقليب عن إهلاك الأرض، حفظهم عن الأعداء بكلب " انتهى .
فحاصل أقوال العلماء ، أن هذا كلب حقيقة ، وأنهم اتخذوه لحراستهم ، وهذا جائز في شريعتنا ، وهذا لا علاقة له بنجاسة الكلب.
على أن استشكال اقتناء أصحاب الكهف للكلب إنما يتم إذا علمنا أن اقتناءه كان محرما في شريعتهم، كما هو محرم في شريعتنا ، وأن الحكم في نجاسة الكلب، أو نجاسة لعابه، كان على ما هو مقرر في شريعتنا، وهذا كله مما لا علم لنا به؛ فلا وجه لاستشكال ذلك، ولا السؤال عنه أصلا.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " وكذلك ما يتعلق بكلب أهل الكهف، هذا لا يدل على جواز اقتناء الكلاب، فلعلهم اقتنوه لصيد، أو لماشية عندهم، والأغلب أنهم اقتنوه للصيد، يصيدون به ما يتقوتون به، فلا حرج في ذلك إذا حبسوا عندهم الكلب، وربوه وعلموه، حتى يصيدوا به، أو حتى يحمي المزرعة، أو الماشية ، لا بأس بهذا كما تقدم ، ولا يحمل على أنهم اقتنوه للعب ، أو لحاجات أخرى.
يحمل على محمل حسن؛ لأنهم أهل خير، وأهل استقامة، وأهل طاعة.
ثم هذا شرع لمن قبلنا، ليس شرعا لنا؛ هؤلاء قبلنا؛ قبل بعث محمد عليه الصلاة والسلام، فلو قدر أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الكلاب، لكان وجود كلبهم عندهم لا يكون شرعا لنا.
لكن ما دام شرعنا أجاز الكلب للماشية والصيد والزراعة، فنحمل كلبهم على أنه كان عندهم لواحدة من هذه الأشياء، والله ولي التوفيق "، انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (5/ 383 - 384).
وينظر تفصيل القول في اقتناء الكلب، وحالات جوازه ، ونجاسته في جواب السؤال رقم : (69840) ورقم : (69777) ، ورقم : (13356) .
والله أعلم.
تعليق