الحمد لله.
أولًا :
ما أجمل أن يتأمل المسلم كلام ربه تعالى ، فإن أشكل عليه أمر رده إلى العالم به ، فإن في ذلك خيرا كبيرا ، وفائدة عظيمة .
والقرآن بحمد لله لا يتطرق إليه الاختلاف بحال ، كما قال سبحانه : أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا النساء/82 .
ثانيًا :
من عادات القرآن الأسلوبية ، وطريقته المعهودة الجارية على سنن العرب في الكلام حذف ما دل عليه الظاهر ، لأنه يصير حينئذٍ حشوًا لا حاجة إليه ، إلا إن كان لإظهاره فائدة أخرى من الفوائد البلاغة .
يقول الطبري : " العرب ، من شأنها إذا عرفت مكان الكلمة ، ولم تشك أن سامعها يعرف بما أظهرت من منطقها ، ما حذفت : حَذْفُ ما كفى منه الظاهر من منطقها ، ولا سيما إن كانت تلك الكلمة التي حذفت قولا ، أو تأويل قول "، انتهى من "جامع البيان" (1/ 137).
قال أبو عبيدة في "مجاز القرآن" (1/ 111): "العرب تختصر الكلام ليخففوه ؛ لعلم المستمع بتمامه" انتهى .
وانظر للاستزادة : "الأساليب العربية الواردة في القرآن" (517 - 526)، "عادات القرآن الأسلوبية" (1/ 219).
قال "السمين الحلبي" في "الدر المصون" (1/ 370) : "وإضمارُ القولِ : كثيرٌ في لسانِهم "، انتهى .
والمفسرون ينبهون على ذلك ، ومنه قول "الواحدي" : "ومن كَسَرَ، أضمر القولَ؛ كأنه: (ناداه، فقال: إنَّ الله) فحذف القولَ.
وإضمار القول كثير في هذا النحو، كما قال: وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ [الرعد:23 - 24]، وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا [الأنعام: 93]، فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ [آل عمران: 106]، فأضمر القول في ذلك كلِّه "، انتهى من "التفسير البسيط" (5/ 221).
وقال : "وإضمار القول كثير كقوله تعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا [البقرة: 127] أي: يقولان: ربنا، وقوله تعالي: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ [الزمر: 3] معناه: يقولون ما نعبدهم "، انتهى من "التفسير البسيط" (8/ 246).
وقول "أبي حيان" : " ... والخبر هنا محذوف للعلم به. والتقدير: فيقال لهم: أكفرتم؟
كما حذف القول في مواضع كثيرة ، كقوله: ( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم ) الرعد ، أي يقولون: سلام عليكم " انتهى من "البحر المحيط" (3/ 293).
والله أعلم.
تعليق