الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

يأخذ أموال الناس ويستثمرها عند آخرين ويأخذ نسبة دون علم أصحاب المال

323847

تاريخ النشر : 25-01-2021

المشاهدات : 10184

السؤال

أنا أقوم بأخذ فلوس من الناس، أشغلها لهم عن طريق آخرين يعملون فى أعمال المقاولات والإنشاءات، وأكتب لهم شيكات بالمبلغ، وأنا ضامن لهم، وأتحمل جميع المسؤلية القانونية نحوهم، وأنا أحصل على جزء خاص من الأرباح الخاصة بهم عن طريق الطرف الذى يقوم بتشغيل الفلوس، مثال نفترض أنى أخذت منهم مليون جنيه لتشغيلها لدى الطرف الثالث، أرباح هذا المليون شهريا مثلا 10 آلاف جنيه، أنا احصل على 3 منها مثلا، وكما قلت أنا وسيط بينهما، وأتحمل بمفردي كل الضمانات التى تحفظ حقهم، وأنا المطالب بها، وهم لا يعرفون أصلا الطرف الآخر، فهل يجوز ذلك؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

هذا العمل فيه تفصيل:

1-فإن كان بعلم أصحاب الأموال، وأنك لا تعمل في أموالهم وإنما تعطيها لمن يستثمرها لهم، فهو جائز، ولك أخذ عمولة بعلمهم، باعتبار أحد أمرين:

الأول: أن تكون سمسارا، فتدلهم على من يستثمر أموالهم، مقابل مبلغ مقطوع أو نسبة تتفق معهم عليها.

الثاني: أن تكون مضاربا، ثم تدفع المال لمضارب آخر، بعلم أصحاب الأموال، وهذا جائز عند الحنفية، خلافا للجمهور. فتتفق مثلا مع أصحاب الأموال على أن يكون لهم 50% من الربح، ولك 50%، ثم تتفق مع من يشغّل المال على أن يكون له 40% من الربح، و60% لأصحاب الأموال، فتعطيهم 50% ويكون لك 10%.

قال في "العناية شرح الهداية" (8/ 463): " قال (فإذا دفع رب المال مضاربة بالنصف، وأذن له بأن يدفعه إلى غيره، فدفعه بالثلث، وقد تصرف الثاني وربح :

فإن كان رب المال قال له: على أن ما رزق الله فهو بيننا نصفان، فلرب المال النصف، وللمضارب الثاني الثلث، وللمضارب الأول السدس) ؛ لأن الدفع إلى الثاني مضاربة قد صح لوجود الأمر به من جهة المالك، ورب المال شرط لنفسه نصف جميع ما رزق الله تعالى، فلم يبق للأول إلا النصف، فينصرف تصرفُه إلى نصيبه ، وقد جعل من ذلك بقدر ثلث الجميع للثاني، فيكون له، فلم يبق إلا السدس, ويطيب لهما ذلك؛ لأن فعل الثاني واقع للأول، كمن استؤجر على خياطة ثوب بدرهم ، واستأجر غيره عليه بنصف درهم" انتهى.

وحجة الجمهور: أن هذا الوسيط لم يعمل شيئا، والربح إنما يكون للعامل ولرب المال، لا لغيرهما.

2-أن يكون ذلك دون علم أصحاب الأموال، فهذا عمل محرم، ولا يحل لك أخذ شيء من الربح، وتكون ضامنا لأموالهم، والربح كله لهم.

وينظر: "البحر الرائق" (7/ 266)، "منح الجليل" (7/ 348)، "مغني المحتاج" (3/ 406)، "المغني" (5/ 35).

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (294901).

ثانيا:

إذا كنت مضاربا، فلا ضمان عليك، وشرط الضمان يفسد المضاربة.

وإذا أعطيت المال لمضارب آخر، بإذن صاحب المال: فلا ضمان عليه أيضا.

وكونك تضمنه، فيه تفصيل:

1-فإن ضمنت خسارته مطلقا، لم يصح؛ لأن شرط الضمان في الشركة والمضاربة: باطل.

قال ابن قدامة رحمه الله : " متى شَرط على المضارب ضمان المال ، أو سهماً من الوضيعة: فالشرط باطل ، لا نعلم فيه خلافا. نص عليه أحمد . وهو قول أبي حنيفة، ومالك" انتهى من "المغني" (5/40).

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة 1408هـ ، الموافق 1988م بشأن سندات المقارضة :

"لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار، أو صكوك المقارضة، على نص بضمان عامل المضاربة رأس المال، أو ضمان ربح مقطوع، أو منسوب إلى رأس المال، فإن وقع النص على ذلك صراحة ، أو ضِمنا : بطل شرط الضمان، واستحق المضارب ربح مضاربة المثل " انتهى من "مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (4/3/2159) .

2-وإن ضمنتَ تعديَه وتفريطَه، صح، أي تضمن لهم أموالهم، في حال تفريط من يشغّل المال، أو في حاله هروبه بالمال ونحو ذلك.

وهذا الضمان لا يجوز أخذ مقابل عليه؛ لأنه يؤدي إلى الربا في حال ما إذا تعدى المشغّل مثلا، ودفعت المال عنه، فتكون مقرضا له، وقد جر قرضك منفعة لك، " وقد اتفقت المذاهب الأربعة على منع العوض على الضمان، وصدر بشأن ذلك قرار مجمع الفقه الإسلامي "
"المعايير الشرعية"، ص251

قال ابن المنذر رحمه الله: " أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الحَمالة بجُعل يأخذه الحميل: لا تحل، ولا تجوز" انتهى من "الإشراف على مذاهب أهل العلم" (6/ 230).

والحمالة: الكفالة.

وقال ابن قدامة في "المغني" (6/ 441): "ولو قال: اكفل عني ولك ألف: لم يجز ; لأن الكفيل يلزمه الدين ، فإذا أداه، وجب له على المكفول عنه؛ فصار كالقرض، فإذا أخذ عوضا، صار القرض جارا للمنفعة، فلم يجز " انتهى باختصار.

والحاصل:

أنه لا يجوز لك أن تربح دون علم أصحاب الأموال بنسبة ربحك، وأن ربحك إما أن يكون مقابل السمسرة، وإما أن يكون مقابل المضاربة ثم دفع المال لمضارب آخر، وأنه ليس لك أن تضمن إلا التعدي والتفريط، وأنه لا يحل لك أخذ شيء مقابل الضمان.

ثالثا:

يجوز لمن أخذ أموال الناس أن يكتب شيكات بها، لإثبات أنه أخذ المال، لكن لا يضمن عند الخسارة إلا إذا تعدى أو فرط.

وينظر: جواب السؤال رقم : (103920)، ورقم : (259981).

رابعا:

يجب الاتفاق في المضاربة أو الشركة على نسبة معلومة من الربح، ولا يصح أن يكون الربح مبلغا مقطوعا، أو نسبة من رأس المال.

وينظر: جواب السؤال رقم : (259753)، ورقم : (145177).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب