الحمد لله.
أولا: القمار وصورته
القمار: معاملة دائرة بين الغنم والغرم.
قال الله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ المائدة/90، 91.
قال البجيرمي رحمه الله: "والميسر: هو القمار، وهو ما يكون فعله مترددا بين أن يغنم وأن يغرم" انتهى من "حاشية البجيرمي على شرح المنهج" (4/ 376).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "فهذا الميسر - وهو كل معاملة دائرة بين الغرم والغنم - لا يدرى فيها المعامل هل يكون غانما أو يكون غارما، كله محرم؛ بل هو من كبائر الذنوب ولا يخفى على الإنسان قبحه، إذا رأى أن الله تعالى قرنه بعبادة الأصنام وبالخمر والأزلام" انتهى من "فتاوى إسلامية" (4/ 441).
وإذا قدر أن العملية الرياضية أعانت صاحبك على المكسب دائما، وأنه لن تخسر أبدا؛ فماذا عن الطرف الآخر؟! هل يدخل اللعبة ليخسر؟ أم يدخلها مع احتمال الكسب والخسارة؟ وهذا هو القمار.
فعلى فرض أنك سلمت من القمار فإنك تدعو غيرك للمقامرة، وتعينه عليها، وتأكل ماله بالباطل والتغرير والخديعة، وهذا كله محرم.
ثانيا: بذل المال في المسابقات
لا يجوز بذل المال من المتسابقين ، ولا من طرف خارج عنهما ، في أي من المسابقات ، إلا ما ورد فيه النص عن النبي صلى الله عليه وسلم من المسابقة على الإبل والخيل والسهام، وما ألحق بذلك، كالمسابقة في القرآن والحديث والفقه مما يعين على نشر الدين وإعزازه.
والأصل في ذلك: ما روى أبو داود (2574)، والترمذي (1700) وحسنه وابن ماجة (2878) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ .
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره.
والسبَق: ما يُجعل للسابق على سبقه من جُعل أو جائزة.
قال ابن القيم رحمه الله: " المسابقة على حفظ القرآن والحديث والفقه وغيره من العلوم النافعة والإصابة في المسائل هل تجوز بعِوَض؟ منعه أصحاب مالك وأحمد والشافعي، وجوزه أصحاب أبي حنيفة وشيخنا ، وحكاه ابن عبد البر عن الشافعي، وهو أولى من الشِّباك والصراع والسباحة، فمن جوز المسابقة عليها بعوض ، فالمسابقة على العلم أولى بالجواز، وهي صورة مراهنة الصّدّيق لكفار قريش على صحة ما أخبرهم به وثبوته، وقد تقدم أنه لم يقم دليل شرعي على نسخه، وأن الصدّيق أخذ رهنهم بعد تحريم القمار، وأن الدين قيامه بالحجة والجهاد، فإذا جازت المراهنة على آلات الجهاد، فهي في العلم أولى بالجواز، وهذا القول هو الراجح " انتهى من "الفروسية" (ص 318).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: " فإنَّه لو بذل العوضَ أحدُ المتلاعبين، أو أجنبي، لكان من صور الجَعالة، ومع هذا فقد نُهي عن ذلك، إلا فيما ينفع كالمسابقة والمناضلة كما في الحديث: (لا سَبَقَ إِلا فِي خُفٍّ، أَوْ حَافِرٍ، أَوْ نَصْلٍ)؛ لأن بذل المال فيما لا ينفع في الدين ولا في الدنيا: منهي عنه، وإن لم يكن قماراً " انتهى "مجموع الفتاوى " (32/ 223).
فالممنوع في هذا الباب ليس القمار فحسب، بل تمنع الجوائز في غير ما نص عليه الشرع مما هو من أدوات الجهاد المادي، وما ألحق به مما هو من الجهاد المعنوي لنشر الدين وإعزازه.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (147826).
والحاصل :
أن ما يفعله صديقك محرم ، وهو من أكل المال بالباطل ، فيلزمه التوبة من ذلك ، والتخلص من المال الذي كسبه عن طريق القمار.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم :(219679)، ورقم : (126045).
والله أعلم.
تعليق