الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

ما حكم العمل كمدرب سباحة؟

337369

تاريخ النشر : 21-01-2021

المشاهدات : 12342

السؤال

أنا أعمل مدرب سباحة، هل هذه المهنة حرام أم حلال وهل المقابل المادي الذي آخذه منها حرام أم حلال؟ وآمل توضيح هذه المسالة؛ لأنها أساس حياتي، وهذه المهنة هي التي يرزقني منها الله، والذي سيقوم عليها بقية عمري الذي كتبه الله لي من زواج وغيره.

ملخص الجواب

يجوز العمل كمدرب سباحة للرجال إذا كانوا ملتزمين بستر عوراتهم ، كما يجوز تدريب الأطفال الصغار، غير المميزين، مع أمن الفتنة. ولا يجوز لمدرب السباحة تدريب الفتيات، ولو كن بلباس يستر جميع البدن؛ لما في ذلك من الفتنة المحققة.  وإذا كانت الفتيات المتدربات في عمر سبع سنين، ونحو ذلك فلا حرج على مدرب السباحة في تدريبهن، إلا إذا خاف على نفسه الفتنة، وثوران الشهوة.

الحمد لله.

السباحة رياضة مهمة

السباحة رياضة مهمة، ويرجى للمدرب إن نوى نفع المسلمين أن يثاب على ذلك، حتى لو كان يتقاضى أجرا على التدريب.

قال صلى الله عليه وسلم:  كل شيء ليس من ذكر الله فهو لغو ولهو أو سهو، إلا أربع خصال: مشي الرجل بين الغرضين، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، وتعلم السباحة .

أخرجه النسائي في "كتاب عشرة النساء " والطبراني في "المعجم الكبير" وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" برقم (315).

محذورات حول عمل مدرب السباحة

والعمل كمدرب سباحة يكتنفه محذوران:

الأول: رؤية العورات، وعورة الرجل ما بين السرة والركبة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:  مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ عَوْرَةٌ  رواه الطبراني والدارقطني وأحمد وأبو داود، وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" برقم 271.

وروى أحمد (15927) عَنْ زُرْعَةَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ جَرْهَدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى جَرْهَدًا فِي الْمَسْجِدِ، وَعَلَيْهِ بُرْدَةٌ قَدِ انْكَشَفَ فَخِذُهُ فَقَالَ:   الْفَخِذُ عَوْرَةٌ  وحسنه محققو المسند.

فإذا ألزمت المتدربين بلباس يستر العورة، فقد سلمت من هذا المحذور، وإلا فإن النظر إلى هذه العورة محرم.

روى أحمد (1849)، وأبو داود (3150)، وابن ماجه (1460) عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  لَا تُبْرِزْ فَخِذَكَ، وَلا تَنْظُرِ الَى فَخِذِ حَيٍّ وَلا مَيِّتٍ  وقال محققو المسند: صحيح لغيره، وصححه أحمد شاكر.

وعَن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا تَنْظُرُ الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ  رواه مسلم (338).

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم: "فيه تَحْرِيم نَظَر الرَّجُل إِلَى عَوْرَة الرَّجُل، وَالْمَرْأَة إِلَى عَوْرَة الْمَرْأَة، وَهَذَا لَا خِلَاف فِيهِ. وَكَذَلِكَ نَظَر الرَّجُل إِلَى عَوْرَة الْمَرْأَة وَالْمَرْأَة إِلَى عَوْرَة الرَّجُل حَرَام بِالْإِجْمَاعِ، وَنَبَّهَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَظَرِ الرَّجُل إِلَى عَوْرَة الرَّجُل عَلَى نَظَرِهِ إِلَى عَوْرَة الْمَرْأَة وَذَلِكَ بِالتَّحْرِيمِ أَوْلَى، وَهَذَا التَّحْرِيم فِي حَقّ غَيْر الْأَزْوَاج وَالسَّادَة، أَمَّا الزَّوْجَانِ فَلِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمَا النَّظَر إِلَى عَوْرَة صَاحِبه جَمِيعهَا" انتهى.

وينظر: "فتح الباري" ( 9 / 338، 339).

والمحذور الثاني، وهو أشد من الأول: تدريب الفتيات، وهذا محرم ولو كن بلباس يستر جميع البدن؛ لما في ذلك من الفتنة المحققة التي قد تعصف بالقلب، والفساد والشر العظيم؛ فكيف لو كان ذلك مع كشف الشعر وأجزاء من البدن، وما يعرف من لباس السباحة أشد من ذلك كله!!

فإن اقتصرت على تدريب الرجال مع ستر عوراتهم، فلا حرج عليك.

العمل كمدرب سباحة للأطفال

ولا حرج كذلك في تدريب الأطفال الصغار، غير المميزين، مع أمن الفتنة.

قال في "كشاف القناع" (1/ 2659): "(وعورة الرجل) أي: الذكر البالغ (ولو) كان(عبدا أو ابن عشر) حرا أو عبدا: ما بين السرة والركبة...(و) كذا عورة (حرة مراهقة ومميزة)".

وقال في (5/ 14): (وبنت تسع) مع رجل (كذي رحم) محرم لأن عورتها مخالفة لعورة البالغة...

(ولا يحرم النظر إلى عورة الطفل والطفلة قبل السبع، ولا لمسها نصا [أي: نص عليه الإمام أحمد] ولا يجب سترها) أي عورة الطفل والطفلة، (مع أمن الشهوة) لأن إبراهيم بن النبي - صلى الله عليه وسلم - غسله النساء" انتهى.

فبنت تسع إلى البلوغ، يجوز النظر إلى ما يظهر منها غالبا، كالرأس والوجه واليدين.

وبنت سبع-وهي المميزة- إلى تسع يجب أن تستر ما بين السرة والركبة.

وينظر للفائدة جواب السؤال رقم: (43485).

والأمر في التدريب أعظم من مجرد النظر، لأنه يقتضي اللمس، وشدة المخالطة والملابسة. ولأن ثياب السباحة تلتصق بالبدن، وتبدي المفاتن، فلا يتحقق الستر.

فإذا كانت الفتيات المتدربات في عمر سبع سنين، ونحو ذلك: فلا حرج عليك في تدريبهن، إلا إذا خفت على نفسك الفتنة، وثوران الشهوة، بكثرة الملابسة.

وأما الكبيرات، ومن بلغن تسع سنين، فما فوق: فليس لك أن تعمل في تدريبهن.

وقد سئل الأستاذ الدكتور عبد الله الطيار حفظه الله ما نصه: " أنا أعمل مدرب سباحة وأكسب رزقي من هذا العمل، وأنا التزمت حديثاً لكن لا أستطيع ترك هذا العمل، لكن هذا العمل يقوم على تدريب أطفال صغار لم يبلغوا سن الحلم، لكن الأغلبية يكشفون عوراتهم غير المغلظة كالسُرة والفخذين....إلخ. وفي بعض الأحيان يجلب فتيات في سن السابعة والثامنة على الأكثر، ما حكم هذا العمل؟ للمعلومية بحثت عن أعمال بعد التزامي لكن لم يقبلني أحد بسبب ضعف شهادة الدراسة. أفيدوني أثابكم الله.

فأجاب:

والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فأولاً: يجب عليك أخي الكريم شكر نعمة الله بهدايته لك، وشرحه صدرك بنور الإيمان بعد أن كنت محروماً من ذلك، وهذا مصداق قوله تعالى:  الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله  الأعراف/73.

وثانياً: عليك بالبحث عن عمل آخر ليس فيه شبهة لكي يسلم لك دينك ورزقك، وتذكر قوله تعالى:  ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ، وقوله:  ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً  الطلاق.

وحيث إنك لم تجد إلى الآن العمل المناسب الذي ليس فيه معصية أو شبهة، فلا حرج عليك بالاستمرار في هذا العمل ما دمت محتاجاً إليه، ولكن عليك بغض بصرك، والحرص على البحث عن عمل رزقه حلال، وأكثر من اللجوء والتضرع إلى الله تعالى وكثرة دعائه فعسى أن يمنَّ عليك من فضله.

يسر الله أمرك ورزقك الرزق الحلال الطيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد" انتهى من موقع الشيخ.

والله أعلم 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب