الحمد لله.
أولا:
ينبغي للصائم أن يحفظ سمعه وبصره عن الحرام؛ لما روى البخاري (6057) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ .
وروى أحمد (8856) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر قال شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند: إسناده جيد.
وروى ابن أبي شيبة في مصنفه (8882) عن عمر رضي الله عنه قال: " ليس الصيام من الطعام والشراب وحده، ولكنه من الكذب، والباطل، واللغو، والحلف".
وروى مثله (8884) عن علي رضي الله عنه.
وروى (8883) عن ميمون بن مهران قال: "إن أهون الصوم ترك الطعام والشراب".
وروى (8888) عن إبراهيم النخعي قال: " كانوا يقولون: الكذب يفطر الصائم ".
وقد ذهب إلى هذا ابن حزم رحمه الله وأن تعمد المعصية يفطر. ينظر: "المحلى" (4/ 304).
فالصوم الذي لا يحجز صاحبه عن محرمات : صوم ناقص.
قال ابن رجب رحمه الله: " قال بعض السلف: أهون الصيام ترك الشراب والطعام.
وقال جابر: إذا صمت ، فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء ...
وفي مسند الإمام أحمد : أن امرأتين صامتا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فكادتا أن تموتا من العطش ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأعرض ، ثم ذكرتا له ، فدعاهما فأمرهما أن تتقيآ ، فقاءتا ملء قدح قيحا ودما وصديدا ولحما عبيطا !!
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما ، وأفطرتا على ما حرم الله عليهما ؛ جلست إحداهما إلى الأخرى ، فجعلتا تأكلان في لحوم الناس) " انتهى من "لطائف المعارف"، ص 155
والحديث المذكور ضعيف الإسناد.
وعلى كل حال ؛ فإذا أردت حقيقة الصوم، لزمك ترك هذا العمل في رمضان، ليسلم قلبك، وبصرك، وسمعك، من الوقوع في الحرام.
ثانيا:
إذا ترتب على المشاهدة ثوران الشهوة، وخرج المني بتكرار النظر، ففي بطلان الصوم قولان لأهل العلم.
وفي "الموسوعة الفقهية" (26/ 267): "ذهب الحنفية والشافعية إلى: أن إنزال المني أو المذي عن نظر وفكر لا يبطل الصيام، ومقابل الأصح عند الشافعية أنه: إذا اعتاد الإنزال بالنظر، أو كرر النظر ، فأنزل : يفسد الصيام.
وذهب المالكية والحنابلة إلى: أن إنزال المني بالنظر المستديم يفسد الصوم؛ لأنه إنزال بفعل يتلذذ به، ويمكن التحرز منه.
وأما الإنزال عن فكر : فيفسد الصوم عند المالكية، وعند الحنابلة : لا يفسده ، لأنه لا يمكنه التحرز عنه" انتهى.
وأما خروج المذي بتكرار النظر، فلا يفسد الصوم.
قال المرداوي في "الإنصاف" (3/ 302): "مفهوم قوله " أو كرر النظر فأنزل " أنه لو كرر النظر، فأمذى : لا يفطر . وهو صحيح، وهو المذهب، وعليه أكثر الأصحاب. قال الزركشي: هذا الصحيح، وقال في الفروع: القول بالفطر أقيس على المذهب ، كاللمس" انتهى.
ثالثا:
النصيحة لك ترك هذا العمل، فإنه وإن كان يترتب عليه تقليل الشر بالنسبة للقاصرين كما ذكرت، فإن مفسدته وأثره السيء على قلبك ونفسك لا يمكن إنكاره، والقاصرون يمكنهم الآن الوصول إلى أعظم مما حُجب عنهم، فالمصلحة المرجوة من هذا العمل ليست كبيرة، ودرء المفسدة لك مقدم على جلب المصلحة لغيرك.
والله أعلم.
تعليق