السبت 18 شوّال 1445 - 27 ابريل 2024
العربية

يعمل في شركة ربحية لبناء المساجد وحفر الآبار فهل يجوز دفع رواتب الموظفين من التبرعات؟

353889

تاريخ النشر : 10-05-2023

المشاهدات : 1794

السؤال

انا اعمل لدى شركة ربحية (و ليس جمعية خيرية) تُعنى ببناء المساجد و حفر الآبار و الطرود الغذائية و اعمال مساعدة للفقراء و المحتاجين بشكل عام. انا اعمل لدى هذه الشركة بموجب عقد بحيث ان الشركة مجبورة ان تدفع راتبي مع نهاية الشهر و الشركة تعمل كوسيط بين مقاولين البناء و الحفر.
حسب قول الشركة ان رواتب الموظفين و أجار مواقع (booths) -المستأجرة في مثلا محلات المواد التموينية الكبيرة - و أجر طباعة النشرات و خدمات ادارية اخرى، يتم دافعها جميعا من نِسب تخصم من القيم المدفوعة للبرامج المذكورة سابقا تختلف مع اختلاف البرنامج المدفوع له، و عملي بالتحديد هو توزيع النشرات و شرح البرامج لمن أراد و استلام المال من الدافعين. الآن هذا وضع العمل بشكل عام و لدي بعض التساؤلات:

١) هل نعتبر نحن من ضمن "العاملين عليها" ؟
٢) هل نأخذ حسنات عندما نروّج لعملية بناء المساجد و حفر الآبار و اعمالنا بشكل ؟
٣) هل تجتمع نية كسب المال و اخلاص العمل لله؟
٤) هل يمكن إطلاق كلمة صدقات على المبالغ المدفوعة لي؟
٥) هل بالأصل من الصحيح اخذ نسب من المدفوعات لدفع الاجور و الاشياء الاخرى ؟
٦ ) هل عملي في النهاية مع هذه الشركة حلال ام حرام ؟

جزاكم الله خيرا.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

المراد بالعاملين عليها في مصارف الزكاة: المكلفون من ولي الأمر بجمع الزكاة وحسابها وتوزيعها، ولا يدخل في ذلك من لم يكلف من ولي الأمر ولو كانوا جمعية خيرية فضلا عن الشركة الربحية.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " (وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا) هم الذين أقامهم الإمام أي ولي الأمر لقبض الزكاة وتفريقها فيهم، وهم عاملون عليها، أي: لهم ولاية عليها.

وأما الوكيل الخاص لصاحب المال الذي يقول له: يا فلان خذ زكاتي ووزعها على الفقراء فليس من العاملين عليها؛ لأن هذا وكيل، فهو عامل فيها، وليس عاملاً عليها" انتهى من فتاوى نور على الدرب (10/ 2).

وسئل رحمه الله: "العاملين في الجمعية هل يعطون من أموال الزكاة؟

فأجاب: العاملين إذا كانوا منصوبين من قبل الدولة.

فقال السائل: لكن من الجمعية محاسب راتبه ما يكفيه؟

فقال الشيخ: لا يمكن إلا من جهة الدولة؛ لأن العاملين عليها هم العاملون من قبل الدولة، من قبل ولي الأمر، ولهذا جاء حرف الجر "عليها"، ولم يقل "فيها"، إشارة إلى أنه لابد أن تكون لهم ولاية، ولا ولاية لهم إلا إذا أنابهم ولي الأمر منابه" انتهى من لقاء الباب المفتوح (141/ 13).

ثانيا:

من روج ودعا لبناء المساجد وحفر الآبار، أثيب على ذلك إذا نوى التقرب إلى الله، ولو كان يعمل بأجرة، فأخذ الأجرة لا ينافي الأجر، لأن هذه الأشياء نفعها متعدٍّ.

قال في مطالب أولي النهى (3/ 641): " (و) يجوز (أخذ رزق) من بيت المال (على متعد نفعه؛ كقضاء) وفتيا، وأذان (وإمامة)، وتعليم قرآن، (وتدريس) علم نافع من حديث وفقه ونحوهما، ونيابة في حج، وتحمل شهادة وأدائها؛ لأن ذلك من المصالح العامة؛ كما يجوز أخذ (الوقف على من يقوم بهذه المصالح) المتعدي نفعها؛ لأنه ليس بعوض، بل القصد به الإعانة على الطاعة.

(قال الشيخ) تقي الدين: (ما يؤخذ من بيت المال؛ فليس عوضا وأجرة، بل رزق للإعانة على الطاعة)، ولا يخرجه ذلك عن كونه قربة، ولا يقدح في الإخلاص؛ لأنه لو قدح ما استحقت الغنائم وسلب القاتل، بخلاف الأجر؛ فيمتنع أخذه على ذلك؛ لما تقدم، (فمن عمل منهم) - أي: ممن يقوم بالمصالح - (لله أثيب) على عمله الذي أخلصه لله قال تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره [الزلزلة: 7] " انتهى.

وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم أخذ الأجرة على تحفيظ القرآن الكريم للأطفال الصغار؟ وإذا أفتيتم بالجواز فهل للمعلم ثواب عند الله بعد أخذه للأجرة الشهرية؟

فأجابوا: " تعلم القرآن الكريم وتعليمه من أفضل القرب إلى الله جل وعلا، إذا صلحت النية، وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على تعلم القرآن وتعليمه بقوله: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه). وأخذ معلمي القرآن الأجرة على تعليمه لا ينافي حصول الثواب والأجر من الله جل وعلا إذا خلصت النية. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد الله بن غديان ... صالح الفوزان ... بكر أبو زيد " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/ 99).

ثالثا:

لا تعارض بين نية كسب المال وإخلاص العمل لله، كما تقدم، فتنوي مساعدة الفقراء، وتكثير المساجد، ونفع الناس بالآبار، مع حصولك على الراتب والأجر.

وينظر جواب السؤال (228454)

رابعا:

ما تأخذه هو أجر وراتب مقابل عملك، وليس صدقة، حتى لو كان المصدر هو مال المتبرعين.

والشركة إذا قالت للمتبرعين: أريد كذا من المال أجرة على التوزيع والبناء، فهذه أجرة مقابل العمل، ومنها تدفع الشركة رواتب موظفيها، وليس لها حينئذ أن تعطي الرواتب من مال التبرعات المؤتمنة عليها.

أما الجمعية الخيرية التي لم تشترط على المتبرعين أجرة، فلها أن تأخذ من أموال التبرعات رواتب لموظفيها على قدر أعمالهم، بما لا يزيد عن أجرة مثله ، إذا تعذر من يعمل بذلك مجانا ، وخيف فوات المصلحة من ذلك .

جاء في القرار السادس من الدورة العاشرة للمجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بشأن الاستفتاء الوارد من لجنة الإغاثة الدولية الإسلامية بأمريكا الشمالية ...

"السؤال الثاني: هل يعطى القائمون بالعمل نسبة من الدخل، لا تزيد عن 51%، لغرض المعيشة، ومتابعة العمل؟

قرر المجلس بالنسبة للسؤال الثاني ما يلي: أنه لا مانع من أخذ نسبة معينة، إلا أنه يرى ألا تحدد تلك النسبة، وإنما تكون أجرة المثل، أو أقل من أجرة المثل، وتدفع لهم بقدر عملهم، لأن هذا المال إنما هو لإعانة المنكوبين، وإغاثة الملهوفين، فلا يجوز صرفه إلا لمن بذل من أجله، واتصف بالوصف الذي بذل هذا المال من أجل الاتصاف به، وأما العامل عليه فإنه يعطى مقدار عمله، كما جاز ذلك في الأخذ من الزكاة المفروضة للعاملين عليها. وذلك بعد التأكد من أنه لا يوجد أشخاص- يمكن أن يقوموا بهذا العمل- متبرعين" انتهى.

وينظر جواب السؤال (261801)

خامسًا :

لا حرج في عملك المذكور، ونوصيك باحتساب الأجر، ونية النفع للمسلمين.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب