السبت 29 جمادى الأولى 1446 - 30 نوفمبر 2024
العربية

المفاضلة بين تفسير السعدي والمختصر في التفسير

383407

تاريخ النشر : 19-01-2023

المشاهدات : 14279

السؤال

هل كتاب " المختصر في تفسير القرآن الكريم يغني عن تفسير العلامة السعدي؟

الحمد لله.

أولًا:

كتاب المختصر في التفسير

كتاب "المختصر في التفسير"، ألفه جماعة من علماء التفسير، واعتمدوا منهجًا ذكروه في مقدمة التفسير، وهو:

1- وضوح العبارة وسهولتها.

2- الاقتصار على تفسير الآيات وبيان معانيها، دون دخولٍ في مسائل القراءات والإعراب والفقه ونحوها.

3- شرح المفردات القرآنية الغريبة أثناء التفسير، وتمييز الشرح بلونٍ مختلف بقدر الاستطاعة ليسهل الوقوف عليه لمن أراده.

4- اتباع منهج سلف الأمة رضوان الله عليهم في التفسير - وفي بيان معاني آيات الصفاتِ خصوصًا - باتباع ما دلَّ عليه القرآن والسنة دون تأويل أو تحريف.

5- تحرِّي المعنى الأرجح عند الاختلاف، مع مراعاة ضوابط التفسير وقواعد الترجيح.

6- ذكر بعض هدايات الآيات وفوائدها في أسفل كل صفحة؛ بما يُعِين على تدبُّرها وتمام الانتفاع بها، تحت عنوان مستقل: من فوائد الآيات.

7- التقديمُ بين يدي كلِّ سورة ببيان زمانِ نزولها (مَكِّيَّة أو مَدَنِيَّة)، وبيان أهم مقاصدها باختصار.

واعتمدوا في الترجيح على ترجيحات الإمام الطبري.

ثانيًا:

كتاب تيسير الكريم الرحمن للشيخ السعدي

"تيسير الكريم الرحمن"، يقول الشيخ الفقيه محمد الصالح العثيمين (ت: 1421) في التعريف بهذا التفسير، في تقديمه له:

" إن تفسير شيخنا عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ت: 1376) المسمى "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان": من أحسن التفاسير حيث كان له ميزات كثيرة:

منها: سهولة العبارة ووضوحها، حيث يفهمها الراسخ في العلم ومن دونه.

ومنها: تجنب الحشو والتطويل الذي لا فائدة منه، إلا إضاعة وقت القارئ وتبلبل فكره.

ومنها: تجنب ذكر الخلاف، إلا أن يكون الخلاف قويًّا تدعو الحاجة إلى ذكره، وهذه ميزة مهمة بالنسبة للقارئ حتى يثبت فهمه على شيء واحد.

ومنها: السير على منهج السلف في آيات الصفات، فلا تحريف ولا تأويل يخالف مراد الله بكلامه، فهو عمدة في تقرير العقيدة.

ومنها: دقة الاستنباط فيما تدل عليه الآيات من الفوائد والأحكام والحكم، وهذا يظهر جليًا في بعض الآيات كآية الوضوء في سورة (المائدة) حيث استنبط منها خمسين حكمًا، وكما في قصة داود وسليمان في سورة (ص).

ومنها: أنه كتاب تفسير وتربية على الأخلاق الفاضلة، كما يتبين في تفسير قوله تعالى في سورة الأعراف خُذِ ٱلۡعَفۡوَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡعُرۡفِ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡجَٰهِلِينَ١٩٩ [الأعراف: 199].

ومن أجل هذا أشير على كل مريد لاقتناء كتب التفسير أن لا تخلو مكتبته من هذا التفسير القيم».

وللكتاب مختصر، اختصره المؤلف بنفسه، وطُبع في حياته، وسماه: "تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن".

وهو من أنفع الكتب للمسلم بعامة، ولمن يريد الاقتراب من القرآن بخاصة، وذلك أن الشيخ أقامه على فكرة جمع الآيات المتصلة والتي تتحدث في موضوع واحد تحت عنوان واحد، وشرح معانيها واستنباط فوائدها العلمية والعملية.

ولو نظرت إلى موضوعات الكتاب لوجدتها تشمل عامة مسائل الدين من العقائد والعبادات والأخلاق، وغيرها من القضايا التي يحتاجها المسلم في عموم حياته.

وفي هذا الكتاب حديث مختصر ممتع عن قصص الأنبياء وما تحويه من العبر والفوائد، وهو - عند المتخصصين - من الكتب الجليلة المتعلقة بقصص الأنبياء، ولأهميته أفرده بعضهم بالطبع.

كما عقد الشيخ تحت فصل بعنوان: فوائد منثورة منوعة غير مرتبة، عدة موضوعات متعلقة بالقرآن وعلومه، منها: الوجوه والنظائر في القرآن الكريم.

وذكر الشيخ عددًا من الفوائد العظيمة في ذكر بعض الأسباب التي ذكرها الله في كتابه موصلة إلى المطالب العالية، كجعل الله التقوى والسعي والحركة سببا للرزق، وجعل الله الإحسان في عبادة الخالق، والإحسان إلى الخلق سببًا يدرك به فضله وإحسانه العاجل والآجل، وجعل الله الصبر سببًا وآلة تدرك بها الخيرات، ويستدفع بها الكريهات، وجعل الله مفتاح العلم حسن السؤال وحسن الإنصات والتعلم والتقوى وحسن القصد، وهو فصل نفيس جدًا، حريٌ بالتأمل، والاجتهاد في العمل به.

وختم الشيخ الكتاب بالتعريف بألفاظ يكثر ورودها في القرآن، وقام ببيانها، وشرحها.

ثالثًا:

المفاضلة بين الكتابين

الذي ننصح به أن يقرأ الإنسان كلا الكتابين، إذ في كل واحد منهما ما لا يوجد في الآخر، ولا يغني أحدهما عن الآخر. فقد امتاز المختصر بسهولة العبارة، ويسرها، واختصارها، والنص على معاني الغريب، وامتاز تفسير السعدي بسهولة العبارة، وبسطها، وكثرة الاستنباطات من الآية.

على أنه لو أراد الاقتصار على أحد الكتابين، فليقتصر على تفسير السعدي، وليجمع معه كتابًا في غريب المفردات، ولو مختصرًا.

وإذا أراد الترتيب بينهما، فإن لم يكن قد قرأ في التفسير شيئا قبل ذلك، فليبدأ بالمختصر، فهو "مختصر" ويمكن أن ينجزه أسرع، ويركز فيه على ضبط معاني الآيات، وما لا يفهمه من معاني الكلمات، لا سيما غريب القرآن المميز باللون في "المختصر". حتى إذا انتهى من هذا الكتاب، كانت انتقاله إلى تفسير السعدي أحسن، وانتفاعه به أقوى. ثم إن استطاع أن يتدارس هذا الكتاب، ويعيده غير مرة، فهو أنفع له، وسوف يجد بركته ونفعه بإذن الله.

ومن كان قد قرأ كتابا مختصرا قبل ذلك، فيمكنه الاستغناء بتفسير السعدي.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب