الحمد لله.
اختلف العلماء في حكم من أكل أو شرب ظاناً بقاء الليل وعدم طلوع الفجر ، وكذلك من أكل أو شرب ظاناً غروب الشمس ثم تبين له خطؤه .
فذهب كثير من العلماء إلى أنه يفسد صومه بذلك ، ويلزمه صيام يوماً مكانه .
وذهب آخرون إلى أن صيامه صحيح وأنه يتم صومه ولا قضاء عليه .
وهو قول مجاهد والحسن من التابعين ، ورواية عن الإمام أحمد ، واختاره المزني من الشافعية ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الشيخ محمد الصالح العثيمين – رحمهم الله - .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
والذين قالوا لا يفطر في الجميع ( يعني : إذا أخطأ أو نسي في أول النهار أو آخره ) قالوا حجتنا أقوى ، ودلالة الكتاب والسنَّة على قولنا أظهر : فإن الله تعالى قال : ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، فجمع بين النسيان والخطأ ؛ ولأن من فعل محظورات الحج والصلاة مخطئا كمن فعلها ناسيا ، وقد ثبت في الصحيح " أنهم أفطروا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس " ولم يذكروا في الحديث أنهم أُمروا بالقضاء ، ولكن هشام بن عروة قال : " لا بدَّ من القضاء " ، وأبوه أعلم منه وكان يقول : " لا قضاء عليهم " ، وثبت في الصحيحين " أن طائفة من الصحابة كانوا يأكلون حتى يظهر لأحدهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأحدهم إن وسادك لعريض ، إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل " ، ولم ينقل أنه أمرهم بقضاء ، وهؤلاء جهلوا الحكم فكانوا مخطئين ، وثبت عن عمر بن الخطاب أنه أفطر ثم تبين النهار فقال : " لا نقضي فإنا لم نتجانف لإثم " ، وروي عنه أنه قال : " نقضي " ، ولكن إسناد الأول أثبت ، وصح عنه أنه قال :" الخطْب يسير " فتأول ذلك مَن تأوله على أنه أراد خفة أمر القضاء ، لكن اللفظ لا يدل على ذلك .
وفى الجملة : فهذا القول أقوى أثراً ونظراً ، وأشبه بدلالة الكتاب والسنَّة والقياس ،
" مجموع الفتاوى " ( 20 / 572 ، 573 ) .
وانظر الشرح الممتع ( 6 / 411 )
وبهذا يظهر قوة أدلة القول بأن صيامه صحيح ولا قضاء عليه .
ومع ذلك لو أخذ المسلم بالأحوط وقضى يوماً مكانه فقد أحسن .
والله أعلم .
تعليق