الأربعاء 15 شوّال 1445 - 24 ابريل 2024
العربية

هل اقترب وقت انحسار الفرات عن جبل من ذهب؟

408923

تاريخ النشر : 11-03-2023

المشاهدات : 15525

السؤال

في حديث لرسول الله صلي الله عليه وسلم في صحيح مسلم(2894): (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَحْسِرَ الفُراتُ عن جَبَلٍ مِن ذَهَبٍ، يَقْتَتِلُ النَّاسُ عليه، فيُقْتَلُ مِن كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ، ويقولُ كُلُّ رَجُلٍ منهمْ: لَعَلِّي أكُونُ أنا الذي أنْجُو) وفي روايةٍ: فقالَ أبو صالح السمان: (إنْ رَأَيْتَهُ فلا تَقْرَبَنَّهُ) وسمعت أن هذا في وقت عيسي ابن مريم، أو يقع مع خروج النار، ولكن يقول الناس: إن من المتوقع جفاف الفرات في 2040، فهل يكون مجئ عيسي في ذلك الوقت؟

الجواب

الحمد لله.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يُوشِكُ الفُرَاتُ أَنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَمَنْ حَضَرَهُ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا) .

رواه البخاري (7119)، ومسلم (2894).

وفي رواية لمسلم: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الْفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ، يَقْتَتِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ، تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَيَقُولُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ: لَعَلِّي أَكُونُ أَنَا الَّذِي أَنْجُو).

قال ابن الأثير رحمه الله تعالى:

" (يحسر) أي يكشف " انتهى من "النهاية في غريب الحديث" (1/383).

وكشفُ الفرات لهذا الجبل من الذهب قد يكون بسبب جفافه وذهاب مائه، كما تتابع الشراح على الإشارة إليه، وربما بسبب تغير مجراه.

قال الشيخ عمر سليمان الأشقر رحمه الله تعالى:

"ومعنى انحساره: انكشافه لذهاب مائه، كما يقول النووي، وقد يكون ذلك بسبب تحول مجراه، فإن هذا الكنز أو هذا الجبل مطمور بالتراب وهو غير معروف، فإذا ما تحول مجرى النهر لسبب من الأسباب ومرّ قريباً من هذا الجبل كشفه، والله أعلم بالصواب" انتهى من "القيامة الصغرى" (ص 199–200).

وإذا كان بسبب جفافه، فالقطع بأنه سيكون في سنة كذا ونحوه، هو مجرد احتمالات، والغيث ينزله الله تعالى وليس المناخ، فقد يجف الفرات قبل هذا السنة المذكورة، وقد يجف بعدها.

قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْث...) لقمان/34.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:

" قد تقرر أن الله تعالى أحاط علمه بالغيب والشهادة، والظواهر والبواطن، وقد يطلع الله عباده على كثير من الأمور الغيبية، وهذه الأمور الخمسة، من الأمور التي طوى علمها عن جميع المخلوقات، فلا يعلمها نبي مرسل، ولا ملك مقرب، فضلا عن غيرهما، فقال: ( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ) أي: يعلم متى مرساها، كما قال تعالى: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً ) الآية.

(وَيُنزلُ الْغَيْثَ) أي: هو المنفرد بإنزاله، وعلم وقت نزوله" انتهى من"تفسير السعدي" (ص 653).

وقد حاول جمع من أهل العلم بيان زمن حدوث هذا الأمر، فرأى بعضهم أنه ربما يكون قرب وقوع الحشر، وربما زمن خروج المهدي، وأشار إلى هذين الاحتمالين ابن حجر رحمه الله تعالى في "فتح الباري" (13/81).

وذهب بعضهم إلى أنه يحتمل – من غير جزم - أن يكون زمن عيسى عليه السلام؛ لأنه زمنٌ وُصف بكثرة المال فيه، فلعل هذا سببه.

قال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله تعالى:

" قال الحَليمي رحمه الله في كتاب منهاج الدين: وقال عليه الصلاة والسلام: ( يوشك أن يحسر الفرات عن جبل من ذهب، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً ) : فيشبه أن يكون هذا في آخر الزمان الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المال يفيض فيه فلا يقبله أحد، وذلك زمن عيسى عليه السلام، فلعل بسب هذا الفيض العظيم ذلك الجبل مع ما يغنمه المسلمون من أموال المشركين، ويحتمل أن يكون نهيه عن الأخذ من ذلك الجبل لتقارب الأمر وظهور أشراطه، فإن الركون إلى الدنيا والاستكثار مع ذلك جهل واغترار، ويحتمل أن يكون إذا حرصوا على النيل منه تدافعوا وتقاتلوا، ويحتمل أن يكون لا يجري به مجرى المعدن، فإذا أخذه أحدهم ثم لم يجد من يخرج حق الله إليه، لم يوفق بالبركة من الله تعالى فيه، فكان الانقباض عنه أولى.

قال المؤلف رحمه الله: التأويل الأوسط هو الذي يدل عليه الحديث، والله أعلم " انتهى من "التذكرة" (3/1243).

فالحاصل مما سبق؛ هو أن الحديث ليس فيه إلا أن الفرات سيكشف عن جبل من ذهب، وأنه سيقتتل حوله الناس.

وأما كيف سيكشفه؟ ومتى؟ فلم يرد فيه نص، وإنما هي مجرد احتمالات ليس عليها دليل واضح.

ومما ينبغي التنبه له هو أن المقصد الأول من الحديث هو التحذير من الفتن، والاستعداد لها قبل وقوعها، وهذا الذي يلزم المسلم أن يعتني به، فلا يشغل نفسه بالبحث عن زمن وقوع مثل هذه الحوادث، وإنما عليه أن يعتني بالاستعداد للفتن قبل وقوعها بالعلم الشرعي والعمل به.

وينظر للفائدة (78329)

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب