الحمد لله.
أولًا:
يقول الله تعالى: وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ* قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ * فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ الأحقاف/21-25.
ذكر علماء التفسير في (عاد) هنا: أنهم عاد قوم نبي الله هود عليه السلام، ولم يذكر "ابن الجوزي" خلافًا في أن (أخا عاد) هو هود عليه السلام.
ذكر ذلك "الطبري" (21/ 150)، و"الثعلبي": (24/ 105)، "زاد المسير" (4/ 110).
قال الطبري: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تبارك وتعالى أخبر أن عادًا أنذرهم أخوهم هود بالأحقاف".
"تفسير الطبري" (21/153).
وذكر أكثر أهل التفسير أن عادًا الأولى، هم قوم هود عليه السلام، وعليه: فهم المذكورون في سورة الأحقاف.
قال "الواحدي": "قال المفسرون: عاد الأولى: قوم هود، وهم أولى عاد؛ أُهلكوا بريح صرصر، وكان لهم عقب، وكانوا عادًا الأخرى".
"التفسير البسيط" (21/ 78).
وقال الإمام ابن كثير إنهم عاد الأولى: "يقول تعالى مسليًا لنبيه في تكذيب من كذبه من قومه: واذكر أخا عاد وهو هود، عليه السلام، بعثه الله إلى عاد الأولى"، انتهى.
"تفسير ابن كثير" (7/ 285).
ثانيًا:
وأما قوله سبحانه: (وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى)النجم/50، فقد ذكر العلماء سبب تسميتهم بذلك:
1- فقيل: لأنهم قبل ثمود.
2- وقيل: لأنهم قبل المخاطب بالآية.
قال الإمام الطبري: "وقوله: وأنه أهلك عادا الأولى يعني تعالى ذكره بـ(عاد الأولى): عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح، وهم الذين أهلكهم الله بريح صرصر عاتية، وإياهم عنى بقوله: ألم تر كيف فعل ربك بعاد* إرم [الفجر: 6-7] ...
وإنما قيل لعاد بن إرم: عاد الأولى، لأن بني لقيم بن هزال بن هزيل بن عبيل بن ضد بن عاد الأكبر، كانوا أيام أرسل الله على عاد الأكبر عذابه سكانًا بمكة مع إخوانهم من العمالقة، ولد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح، ولم يكونوا مع قومهم من عاد بأرضهم، فلم يصبهم من العذاب ما أصاب قومهم، وهم عاد الآخرة، ثم هلكوا بعد، وكان هلاك عاد الآخرة ببغي بعضهم على بعض، فتفانوا بالقتل"، انتهى من "تفسير الطبري" (22/ 86 - 88).
وذكر الإمام الثعلبي الخلاف في معنى (الأولى)، فقال: "لأنهم كانوا من قبل ثمود.
وقيل: إنَّ ثمودًا مِن نَسْل عاد.
وقيل: الأولى: قبلكم.
وقال ابن إسحاق: هما عادان، والأولى أهلكت بالريح الصرصر، ثم كانت الآخرة، فأهلِكوا بصيحة.
وقيل: إنَّ عادا الآخرة: الجبارون، وهم قوم هود عليه السلام"، انتهى.
"تفسير الثعلبي" (25/ 174).
وكذلك ذكر مكي: "وهو عاد بن آدم بن عوص بن سام بن نوح. وعاد الثانية من ولد عاد الأكبر، وكانت عاد الآخرة ساكنة بمكة مع أخوالهم من العمالقة، ولد عمليق بن لاود بن سام بن نوح، فلم يصبهم من العذاب ما أصابه عاداً الأولى، ثم هلكت [عاد] الآخرة بعد ذلك بغى بعضهم على بعض فتفانوا بالقتل، وعادٌ الأولى هي التي هلكت بالريح"، انتهى.
"الهداية الى بلوغ النهاية" (11/ 7175). وانظر: "تفسير ابن عطية" (5/ 208).
وقد ذكر الإمام ابن الجوزي الخلاف في ذلك، فقال: "ثم فيهم قولان:
أحدهما: أنهم قوم هود، وكان لهم عقب فكانوا عاداً الأخرى، هذا قول الجمهور.
والثاني: أن قوم هود هم عادٌ الأخرى، وهم من أولاد عادٍ الأولى، قاله كعب الأحبار"، انتهى.
"زاد المسير في علم التفسير" (4/ 194).
وقال ابن كثير: "قال الله تعالى: فكذبوه فأهلكناهم أي: فاستمروا على تكذيب نبي الله هود ومخالفته وعناده، فأهلكهم الله، وقد بين سبب إهلاكه إياهم في غير موضع من القرآن؛ بأنه أرسل عليهم ريحًا صرصرًا عاتية، أي: ريحا شديدة الهبوب ذات برد شديد جدًّا، فكان إهلاكهم من جنسهم، فإنهم كانوا أعتى شيء، وأجبره، فسلط الله عليهم ما هو أعتى منهم، وأشد قوة، كما قال: ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم [ذات العماد] (4) [الفجر:6، 7] وهم عاد الأولى، كما قال: وأنه أهلك عادا الأولى [النجم:50] ، وهم من نسل إرم بن سام بن نوح"، انتهى.
"تفسير ابن كثير" (6/ 154)، (7/ 467).
والله أعلم.
تعليق