الحمد لله.
وجود نبي باسم حنظلة بن صفوان، وأنه هو الرسول إلى أصحاب الرس، الوارد ذكرهم في قوله تعالى: وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا الفرقان/38، وقوله تعالى: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ ق/12، قد ذكر هذا الأمر ابن عساكر، ونقله من غير إسناد، حيث قال رحمه الله تعالى:
" قال الرازي: وقال أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله بن خرداذبة في "كتاب التاريخ" وحكاه عن غيره: أن أصحاب الرس كانوا بحضور ـ وحُضور: قرية من قرى زَبيد، في اليمن ـ فبعث الله إليهم نبيا يقال له حنظلة بن صفوان فكذبوه وقتلوه " انتهى من "تاريخ دمشق" (1/12).
وذكره أيضا السهيلي في "الروض الأنف" من غير إسناد يثبته، حيث قال رحمه الله تعالى:
" وكذلك أهل عدن، قتلوا نبيا أرسل إليهم اسمه: حنظلة بن صفوان، فكانت سطوة الله بالعرب لذلك نعوذ بالله من غضبه وأليم عقابه " انتهى من "الروض الأنف" (1/73).
وممن ذكره من المفسرين: الثعلبي في "تفسيره" (18/382) (19/413)، والبغوي (5/391) (6/84). وينظر أيضا: "موسوعة التفسير بالمأثور" (15/176) (16/96).
وقد ضعّف ابن كثير هذا القول أثناء حديثه عن خالد بن سنان، وتضعيف القول بنبوته، حيث قال رحمه الله تعالى:
" والأشبه أنه كان رجلا صالحا، له أحوال وكرامات؛ فإنه إن كان في زمن الفترة، فقد ثبت في "صحيح البخاري": عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن أولى الناس بعيسى ابن مريم أنا؛ لأنه ليس بيني وبينه نبي ). وإن كان قبلها، فلا يمكن أن يكون نبيا؛ لأن الله تعالى قال: ( لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ ).
وقد قال غير واحد من العلماء: إن الله تعالى لم يبعث بعد إسماعيل نبيا في العرب، إلا محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، الذي دعا به ابراهيم الخليل باني الكعبة المكرمة التي جعلها الله قبلة لأهل الأرض شرعا، وبشرت به الأنبياء لقومهم حتى كان آخر من بشر به عيسى ابن مريم عليه السلام، وبهذا المسلك بعينه يرد ما ذكره السهيلي وغيره من إرسال نبي من العرب يقال له: شعيب بن ذي مهذم بن شعيب بن صفوان صاحب مدين، وبعث إلى العرب أيضا حنظلة بن صفوان فكذبوهما فسلط الله على العرب بختنصر فنال منهم من القتل والسبي نحو ما نال من بني إسرائيل، وذلك في زمن معدّ بن عدنان، والظاهر أن هؤلاء كانوا قوما صالحين يدعون إلى الخير. والله أعلم " انتهى من "البداية والنهاية" (3/250 – 251).
وسُئلت "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء":
" بناء على ما جاء في كتاب "قصص الأنبياء" لابن كثير، أنه يوجد نبي من أنبياء الله اسمه: حنظلة بن صفوان، مع العلم أنه سبق أن نشرت عدة كتب ومؤلفات لم تتضمن اسم هذا النبي. فالرجاء منكم: أن تتفضلوا علينا بالإجابة الصحيحة، وكذلك إرشادنا إلى أي مؤلف أو كتاب ذكر فيه اسم هذا النبي...
الجواب: ما ذُكر من أن الله تعالى بعث نبيا يسمى: حنظلة بن صفوان، وأن قومه قتلوه -نقله ابن كثير عن السهيلي في كتاب "البداية"، ولم يذكر السهيلي ولا ابن كثير له سندا ولم ينسبه لأحد، ومثل هذا لا يعتمد عليه...
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد الله بن قعود ، عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى" (4/ 353 - 354).
فالحاصل؛ أنه لم يثبت وجود نبي باسم حنظلة بن صفوان.
والله أعلم.
تعليق