الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

ما حكم السب والتهاجي على سيبل المزاح؟

472270

تاريخ النشر : 21-01-2024

المشاهدات : 7494

السؤال

مَا حُكْمُ تَهَاجِي الأصحَابِ فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَىٰ سَبِيلِ المِزَاحِ، أَيْ أنْ أتَبَادَلَ أنَا وَصَاحِبِيَ الهِجَاءَ مُتَمَازِحَيْنِ، فِي حَالِ انْعِدَامِ الخَوْفِ مِن وُقُوعِ عَدَاوَةٍ؟

ملخص الجواب

لا يجوز السب والتهاجي على سيبل المزاح؛ لأنه يشمله "حديث سباب المسلم فسوق".

الجواب

الحمد لله.

‌الهجاء هو: ‌السب وتعديد المعايب. ويكون بالشعر غالباً، والراجح أنه عام في الشعر وغيره "المعجم الوسيط" (2/ 975).

وقد جاء النهي الصريح عن سب المسلم، فعن ابن مسعود رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ البخاري (48).

قال النووي رحمه الله :"السب في اللغة الشتم والتكلم في عرض الإنسان بما يعيبه...، فسب المسلم بغير حق حرام، بإجماع الأمة. وفاعله فاسق كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم" انتهى من "شرح النووي على مسلم" (2/53):

وإذا قدر أن ذلك السباب قد خرج على وجه المزاج؛ فإنه ممنوع أيضا؛ لما في ذلك السباب عادة من الباطل، وفحش القول. وفي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا ، قَالَ: إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا  الترمذي (1990) وقال : " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ". وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (‌‌1726).

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "جرت العادة على ‌المزاح بين الأصدقاء ومن بين ‌المزاح التلفظ بالكلام البذيء فهل يعد ذلك حراماً؟

 فأجاب رحمه الله تعالى: نعم الكلام البذيء الذي فيه القذف أو ‌اللعن، أو ما أشبه ذلك: حرام؛ حتى وإن كان على سبيل ‌المزاح؛ لأن للمسلم حرمة لا يجوز انتهاكها" انتهى من "فتاوى نور على الدرب للعثيمين" (24/ 2 بترقيم الشاملة).

 ولا فرق بين أن يكون السب شعرا أو نثراً؛ بل هو في الشعر أبلغ؛ لما فيه من جعله محفوظاً متداولاً؟

ثانياً:

قولك "أن الهجاء يقع بينكما مزحا في حال انتفاء الخوف من العداوة"، هذا الكلام غير مسلم به، وذلك أنه قد استقر عند العقلاء أن النفوس تتأثر بما يقال فيها ولو أظهرت خلاف ذلك لكونه مزحا؛ بل يقال: إن ما لا يستطيع المرء التصريح به جاداً، صرح به مازحا، وقد قرر علماء التربية والسلوك أن آثاره تبقى في النفس، ولذا فإن قوله تعالى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا ‌الَّتِي ‌هِيَ ‌أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ؛ وهذا يدل على أن الكلام غير الحسن ينزغ به الشيطان بين النفوس، سواء كان جداً أو هزلاً، والواقع المشاهد والتجربة تخبرنا: كم أوقع المزح من الحزازات والخصام وإيغار الصدور، فكيف إذا كان بالسي والهجاء.

ولذا لا ينبغي لكم التهاجي، ولو كان مزحا، وليكن مزحكم في الخير والمباح، وفي الحديث أن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ رواه البخاري (10).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب