الحمد لله.
أولا:
السندات في بنك إسلامي، إن أريد بها صكوك المضاربة، أو صكوك التأجير، فلا حرج فيها.
وتقوم فكرة الصكوك على تجزئة رأس المال، فيشترك حملة الصكوك في تكوين رأس مال يتم المضاربة فيه عن طريق البنك، أو تشترى به أعيانا يتم تأجيرها.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم: 30 (5/ 4) بشأن سندات المقارضة وسندات الاستثمار:
" أولاً : من حيث الصيغة المقبولة شرعاً لصكوك المقارضة :
1-سندات المقارضة: هي أداة استثمارية تقوم على تجزئة رأس مال القراض (المضاربة) بإصدار صكوك ملكية، برأس مال المضاربة على أساس وحدات متساوية القيمة ومسجلة بأسماء أصحابها باعتبارهم يملكون حصصاً شائعة في رأس مال المضاربة وما يتحول إليه ، بنسبة ملكية كل منهم فيه . ويفضل تسمية هذه الأداة الاستثمارية صكوك المقارضة...
6-لا يجوز أن تتضمن نشرة الإصدار ولا الصكوك المصدرة على أساسها نصاً يؤدي إلى احتمال قطع الشركة في الربح؛ فإن وقع: كان العقد باطلاً .
ويترتب على ذلك :
أ- عدم جواز اشتراط مبلغ محدد لحملة الصكوك، أو صاحب المشروع، في نشرة الإصدار وصكوك المقارضة الصادرة بناء عليها .
ب - أن محل القسمة هو الربح بمعناه الشرعي، وهو الزائد عن رأس المال، وليس الإيراد أو الغلة . ويعرف مقدار الربح، إما بالتنضيض، أو بالتقويم للمشروع بالنقد، وما زاد عن رأس المال عند التنضيض أو التقويم، فهو الربح الذي يوزع بين حملة الصكوك وعامل المضاربة، وفقاً لشروط العقد.
ج- أن يعد حساب أرباح وخسائر للمشروع، وأن يكون معلناً، وتحت تصرف حملة الصكوك .
7- يُسْتَحَقُّ الربح بالظهور، ويُمْلَك بالتنضيض أو التقويم، ولا يلزم إلا بالقسمة .
وبالنسبة للمشروع الذي يدر إيراداً أو غلة: فإنه يجوز أن توزع غلته، وما يوزع على طرفي العقد قبل التنضيض (التصفية) يعتبر مبالغ مدفوعة تحت الحساب" انتهى من مجلة المجمع (ع 4، ج 3 ص 1809).
وأصدر المجمع القرار رقم 44 (6/5) بشأن صكوك التأجير، أو الإيجار المنتهي بالتمليك.
وجاء في المعايير الشرعية ص 290: "صكوك المضاربة:
هي وثائق مشاركة تمثل مشروعات أو أنشطة تدار على أساس المضاربة، بتعيين مضارب من الشركاء أو غيرهم لإدارتها" انتهى.
وجاء فيها ص 293: " المُصْدِر لتلك الصكوك: هو المضارب، والمكتتبون فيها هم أرباب المال، وحصيلة الاكتتاب هي رأس مال المضاربة، ويملك حَمَلةُ الصكوك موجوداتِ المضاربة، والحصة المتفق عليها من الربح لأرباب المال، ويتحملون الخسارة إن وقعت" انتهى.
ثانيا:
المال الموضوع في المضاربة، تلزم زكاة أصله وربحه.
وأما المال الموضوع في صكوك التأجير، فالزكاة في عائد الإجارة فقط، لا في الأعيان المؤجرة.
ثالثا:
لا حرج أن يقوم البنك بإخراج زكاة الصكوك عن أصحابها.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن زكاة أسهم الشركات: "تجب زكاة الأسهم على أصحابها، وتخرجها إدارة الشركة نيابة عنهم، إذا نُص في نظامها الأساسي على ذلك، أو صدر به قرار من الجمعية العمومية، أو كان قانون الدولة يلزم الشركات بإخراج الزكاة، أو حصل تفويض من صاحب الأسهم لإخراج إدارة الشركة زكاة أسهمه" انتهى من مجلة المجمع (ع 4، ج1 ص 705).
رابعا:
إذا أدخلت مالك في السندات، ثم بعتها قبل تمام الحول، ووضعت ثمنها في حاجات لك، ليست للتجارة، فلا زكاة عليك.
وإن كان البنك قد زكى سنداتك خلال هذه المدة، فهو خير لك، وصدقة غير واجبة؛ لأن المال لم يحل عليه الحول.
أما إن بعت السندات واشتريت بها أو بثمنها عروضا للتجارة، فإن حول الزكاة لا ينقطع، وتلزمك الزكاة عند حولان الحول، ولا يحسب ما أخرجه البنك-لو كان قد أخرج-؛ لأنها زكاة قبل حولان الحول وأنت لم تنو تعجيل الزكاة.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (2/ 504): " إذا اشترى عرضا للتجارة بنصاب من الأثمان، أو باع عرضا بنصاب، لم ينقطع الحول؛ لأن الزكاة تجب في قيمة العروض، لا في نفسها، والقيمة هي الأثمان، فكانا جنسا واحدا" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "هذا السائل أخرج زكاة أكثر مما عليه، ويسأل هل يحسبها من زكاة العام القادم؟
نقول: لا يحسبها من زكاة العام القادم؛ لأنه لم ينوها عنه، ولكن تكون صدقة تقربه إلى الله عز وجل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) " انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين (18/ 309).
والله أعلم.
تعليق