الاثنين 27 شوّال 1445 - 6 مايو 2024
العربية

يقول في ركوعه (سبحان ربي الأعظم)، فهل صلاته صحيحة؟

507216

تاريخ النشر : 26-04-2024

المشاهدات : 528

السؤال

كنت أصلي فترة كبيرة جداً من الزمن وأقول في الركوع "سبحان ربي الأعظم" بدلاً من "سبحان ربي العظيم" فهل كل صلواتي خلال هذه الفترة باطلة؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

التسبيح في الركوع سنة عند جمهور العلماء، فلو تركه المصلي، فقد ترك سنة، وصحت صلاته.

وذهب أحمد رحمه الله إلى وجوبه، فلو تعمد المصلي تركه فقد ترك واجبا، فتبطل صلاته.

قال ابن قدامة: " والمَشْهُورُ ‌عن ‌أحمدَ ‌أنَّ ‌تَكْبِيرَ الخَفْضِ وَالرَّفعِ ، وتَسْبِيحَ الرُّكُوعِ والسُّجُودِ ، وقوْلَ: سَمِعَ اللهُ لمَنْ حَمِدَهُ، ورَبَّنا وَلكَ الحمدُ، وقولَ: رَبِّى اغْفِرْ لِى، بين السَّجْدتَيْنِ، والتَّشَهُّدَّ الأوَّلَ: واجِبٌ.

وهو قُوْلُ إسْحاقَ، وداوُد .

وعن أحمدَ : أنِّه غَيْرُ واجِبٍ. وهو قَوْلُ أكثَرِ الفُقَهَاءِ" انتهى من "المغني" (2/180).

وينظر: جواب السؤال رقم (366475)

ثالثا:

الوارد في أذكار الركوع ما يلي :

1-قول : " سبحان ربي العظيم " لما روى مسلم (772) عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ فَقُلْتُ يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ ثُمَّ مَضَى فَقُلْتُ يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ فَمَضَى فَقُلْتُ يَرْكَعُ بِهَا ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ ثُمَّ رَكَعَ فَجَعَلَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ ) الحديث .

وروى احمد وأبو داود (869) وابن ماجه (887) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: ( لَمَّا نَزَلَتْ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ. فَلَمَّا نَزَلَتْ: سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، قَالَ: اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ ). والحديث حسنه الألباني في مشكاة المصابيح .

2-قول: " سبحان ربي العظيم وبحمده؛ لما روى أبو داود عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَكَعَ قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ، ثَلَاثًا. وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا. والحديث صححه الألباني في صفة الصلاة ص 133

3-قول: "سبوح قدوس رب الملائكة والروح"؛ لما روى مسلم (487) عن عائشة رضي الله عنها: ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ ).

4-قول: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك؛ اللهم اغفر لي" ؛ لما روى البخاري (794) ومسلم (484) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ).

5-قول : "اللهم لك ركعت وبك آمنت ... الخ" ؛ لما روى مسلم (771) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ ... وَإِذَا رَكَعَ قَالَ اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي ) الحديث .

رابعا:

لم يرد في جملة أذكار الركوع، أن يقال: "سبحان ربي الأعظم".

ولكن من قال ذلك فقد أتى بتسبيح الركوع؛ لأنه أتى بالتسبيح في ركوعه، وأتى أيضا بالتعظيم، وامتثل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس: (فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ) رواه مسلم (479).

قال ابن القصار في "عيون الأدلة" (4/419):

" قال عليه السلام: ( أما الركوع، فعظموا فيه الرب ).

فلو قال القائل: سبحان ربي الجليل، أو الكبير، أو القدير؛ لكان معظمًا له.

وقد روي أن عليه السلام كان يقول في ركوعه: ( لك ركعت، وبك آمنت، وعليك توكلت ).

فإذا ثبت هذا؛ فإن نفس التسبيح ليس بواجب.

فتعيينه، والعدول عنه إلى ما في معناه: يجوز؛ وإن كنا نستحب تعيينه" انتهى.

وقوله: "فتعيينه، أو العدول عنه ..": كذا العبارة، ومراده بذلك: فتعيينه، أو العدول عنه: كلاهما جائز سائغ.

ونقله: ابن بطال في "شرح البخاري" (2/414)، وابن الملقن في "التوضيح" (7/167).

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله: أن "جنس التسبيح" واجب في الصلاة، ولا يلزم أن يسبح بلفظ معين، وإن كان التزام اللفظ الوارد المأثور، أفضل.

قال: " جمهور العلماء على أنه يشرع التسبيح في الركوع والسجود، وروي عن مالك أنه كره المداومة على ذلك لئلا يظن وجوبه.

ثم اختلفوا في وجوبه؛ فالمشهور عن أحمد وإسحاق وداود وغيرهم: وجوبه.

وعن أبي حنيفة والشافعي: استحبابه.

والقائلون بالوجوب منهم من يقول: يتعين "سبحان ربي العظيم" و"سبحان ربي الأعلى" للأمر بهما، وهو قول كثير من أصحاب أحمد، ومنهم من يقول: بل يذكر بعض الأذكار المأثورة.

والأقوى أنه يتعين التسبيح، إما بلفظ "سبحان" وإما بلفظ: "سبحانك" ونحو ذلك وذلك أن القرآن سماها "تسبيحا" فدل على وجوب التسبيح فيها، وقد بينت السنة أن محل ذلك الركوع والسجود.

وفي "صحيح مسلم" عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: "سبوح قدوس رب الملائكة والروح".

وفي "السنن" أنه كان يقول: "سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة". فهذه كلها تسبيحات.

والمنقول عن مالك: أنه كان يكره المداومة على ذلك، فإن كان كراهة المداومة على "سبحان ربي الأعلى والعظيم" فله وجه، وإن كان كراهة المداومة على جنس التسبيح فلا وجه له، وأظنه الأول.

وكذلك المنقول عنه إنما هو كراهة المداومة على "سبحان ربي العظيم"؛ لئلا يظن أنها فرض؛ وهذا يقتضي أن مالكا أنكر أن تكون فرضا واجبا، وهذا قوي ظاهر، بخلاف جنس التسبيح فإن أدلة وجوبه في الكتاب والسنة كثيرة جدا.

وقد علم أنه صلى الله عليه وسلم كان يداوم على التسبيح بألفاظ متنوعة.

وقوله: "اجعلوها في ركوعكم وهي سجودكم" يقتضي أن هذا محل لامتثال هذا الأمر، لا يقتضي أنه لا يقال إلا هي، مع ما قد ثبت أنه كان يقول غيرها.

والجمع بين صيغتي تسبيح بعيد، بخلاف الجمع بين التسبيح والتحميد والتهليل والدعاء، فإن هذه أنواع، والتسبيح نوع واحد، فلا يجمع فيه بين صيغتين.

وأيضا فقوله: سبح اسم ربك الأعلى (1) [الأعلى: 1]، و فسبح باسم ربك العظيم (74) [الواقعة: 74] أمر بتسبيح ربه، ليس أمرا بصيغة معينة.

وأحمد يوجبه [أي: التسبيح، في الركوع والسجود، وروي عنه: أنه ركن وهو قوي؛ لثبوت الأمر به في القرآن والسنة، فكيف يوجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجئ أمر بها في الصلاة خصوصا ولا يوجب التسبيح مع الأمر به في الصلاة؟ ومع كون الصلاة تسمى "تسبيحا"؟

لكن قد يقال: لما لم يأمر به المسيء في صلاته دل على أنه واجب ليس بركن". انتهى، من "تقريب فتاوى ابن تيمية" (3/250-251).

ولفظ "الأعظم": أبلغ من "العظيم"، لكنا نقتصر على الوارد.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ما الحكمة من كونه في الركوع "سبحان ربي العظيم" وفي السجود "سبحان ربي الأعلى"؟

الحكمة لأن الانحناء تعظيم، فناسب أن يقول: "سبحان ربي العظيم"، وأما السجود فهو نزول، فناسب أن يقول: "سبحان ربي الأعلى" أي المنزه عن النزول والسفول، فهو جل وعلا أعلى، أي فوق كل شيء" انتهى من "فتاوى الحرم المكي".

والحاصل:

أن ما سبق لا يضر صلاتك، وينبغي اتباع السنة فيما ورد من أذكار الركوع المتنوعة، والمراوحة بين ما ورد منها، هذا تارة، وذاك تارة أخرى.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب