الحمد لله.
أولا:
الله تعالى موصوف بالصفات العلى، التي هي أكمل الصفات وأحسنها، ولا نقص فيها بوجه من الوجوه، كما قال: وقال: وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ الروم/27
قال ابن الجوزي رحمه الله: ” قوله تعالى: وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى قال المفسرون: أي: له الصِّفة العُليا” انتهى من “زاد المسير” (3/ 421).
وقال الشوكاني في “فتح القدير” (4/314) : ” قال الخليل : المثل الصفة : أي وله الوصف الأعلى في السموات والأرض ” انتهى .
وصفاته تعالى توقيفية، أي موقوفة على ورود النص، فلا يوصف إلا بما وصف به نفسه في كتابه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد يظن الإنسان في صفة معينة أنها كمال ومدح، ويكون فيها نقص من بعض الوجوه، ولهذا يوصف الله بالحكمة، ولا يوصف بالعقل، ويوصف بالعلم، ولا يوصف بالمعرفة.
قال المرداوي رحمه الله في “التحبير” (1/ 237): ” لا يوصف سبحانه وتعالى بأنه عارف؛ لأن المعرفة قد تكون علماً مستحدثاً، والله تعالى محيط علمه بجميع الأشياء على حقائقها على ما هي عليه ، وهو صفة من صفاته ، وهو قديم ، وحكي إجماعاً. قال ابن حمدان في ” نهاية المبتدئين ” : ” علم الله تعالى لا يسمى معرفة، حكاه القاضي إجماعاً ” .انتهى.
ويخشى من إطلاق هذه الكلمات ونحوها: أن يكون فيها سوء أدب مع الله عز وجل؛ فإنها مما يعتاد إطلاقه في وصف العباد، وأحوالهم، وأفعالهم؛ وليست مما يعتاد المؤمنون إطلاقه في حق ربهم، جل جلاله، وأوصافه، وأفعاله.
وقد حذر الله عز وجل عباده أن يجعلوا شأن النبي معهم، في مناداته، وكلامه؛ كشأن أحدهم، فقال تعالى: لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا النور/63
قال ابن كثير، رحمه الله: ” قال الضحاك، عن ابن عباس: كانوا يقولون: يا محمد، يا أبا القاسم، فنهاهم الله عز وجل، عن ذلك، إعظاما لنبيه، صلوات الله وسلامه عليه (4) قال: فقالوا: يا رسول الله، يا نبي الله. وهكذا قال مجاهد، وسعيد بن جبير.
وقال قتادة: أمر الله أن يهاب نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يبجل وأن يعظم وأن يسود. وقال مقاتل بن حيان في قوله: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} يقول: لا تسموه إذا دعوتموه: يا محمد، ولا تقولوا: يا بن عبد الله، ولكن شرفوه فقولوا: يا نبي الله، يا رسول الله .
وقال مالك، عن زيد بن أسلم في قوله: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} قال: أمرهم الله أن يشرفوه”. انتهى، من “تفسير ابن كثير” (6/88-89).
قال الشيخ السعدي، رحمه الله: ” {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} أي: لا تجعلوا دعاء الرسول إياكم ودعائكم للرسول كدعاء بعضكم بعضا، فإذا دعاكم فأجيبوه وجوبا، حتى إنه تجب إجابة الرسول صلى الله عليه وسلم في حال الصلاة، وليس أحد إذا قال قولا يجب على الأمة قبول قوله والعمل به، إلا الرسول، لعصمته، وكوننا مخاطبين باتباعه، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}.
وكذلك: لا تجعلوا دعاءكم للرسول كدعاء بعضكم بعضا، فلا تقولوا: ” يا محمد ” عند ندائكم، أو ” يا محمد بن عبد الله ” كما يقول ذلك بعضكم لبعض، بل من شرفه وفضله وتميزه صلى الله عليه وسلم عن غيره، أن يقال: يا رسول الله، يا نبي الله”. انتهى، من “تفسير السعدي” (576).
فإذا كان هذا في النبي صلى الله عليه وسلم؛ أدب الله عباده ألا يجعلوا نداءه، وحديثه فيما بينهم، كنداء بعضهم لبعض، وحديث بعضهم مع بعض؛ فكيف بشأن الله جل جلاله؛ أن يقول قائل: الله جيد، الله حسن، الله صالح … فسبحانه، وجل شانه، وتبارك وتعالى.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (208975)
وعليه؛ فلا يوصف الله بأنه جيد أو صالح؛ لعدم ورود ذلك.
ولنا في الوارد غُنية وكفاية، فالله: العظيم، والكريم، والرحيم، والطيب، والقدوس، تبارك وتعالى.
والله أعلم.
تعليق